معركة ڤارنا أو وارنة آخر الحملات الصليبية ضد الدولة العثمانية في العصور الوسطى، وآخر معركة في حملة ڤارنا الصليبية، وإحدى الحروب التي غيرت مجرى التاريخ في المنطقة ووطدت مستقبل العثمانيين لأكثر من أربعة قرون بعدها في منطقة البلقان.
وقعت «معركة ڤارنا» يوم «الخميس» 28 رجب 848هـ الموافق في 10 تشرين الثاني / نوڤمبر 1444م، بالقرب من مدينة ڤارنا البلغارية الواقعة غرب البحر الأسود، بين الدولة العثمانية بقيادة السلطان مراد الثاني، وقوات الحملة الصليبية الأوروپيَّة بقيادة القائد السياسي والعسكري المُحنَّك يوحنا هونياد أكبر الولاة والنبلاء في المملكة المجرية والذي كان قائداً لكل القوات المسيحية المشتركة.
أُختير ملك بولونيا والمجر ڤلاديسلاڤ الثالث قائدا شرفياً على الجيوش الأوروپية في تلك المعركة التي انتهت بمقتله، كما شارك فيها «ميرچه الثاني» حاكم «الأفلاق»، والمندوب البابوي الكاردينال «يوليان سيزاريني» وأساقفة محاربون آخرون.
وقَّع السلطان مراد الثاني هُدنة لمدة عشر سنوات مع المجر، وأقسم ملك المجر على الإنجيل والسُلطان مراد الثاني على القُرآن الكريم على عدم مُخالفتهما شُرُوط هذا الصُلح ما داما على قيد الحياة.
نقض الصليبيون والبابا عهد الصلح الذي عقدوه مع العثمانيين خلال أيام بعد أن نفّذ العثمانيون شروط العهد من جانبهم وسلَّموا عدة بلاد ومدن للصليبيين، فحنث الملك الصليبي باليمين الذي أقسمه على الإنجيل ولم يُنفذ بنود معاهدة الصلح وغدَرَت الدول الصليبية بأن حشدوا جيوشهم بدون إعلان حرب أو إلغاء للمعاهدة وساروا قاصدين مدينة ڤارنا الواقعة على ساحل البحر الأسود في بلغاريا يُذبِّحون في طريقهم المسلمين الآمنين بالصلح في المدن والقُرى الواقعة على مسار الجيش، كي يلتقوا بالسفن الصليبية عند ڤارنا ويستقلونها ثم يُباغتوا أدرنة عاصمة الدولة العثمانية، إلا أن خبرهم بلغ السلطان مراد الثاني فأسرع بتعبئة ونقل القوات عبر المضيق البحري في سباق مع الزمن ولحق بالصليبيين عند مدينة ڤارنا قبل أن يلتقوا السفن الصليبية وحَصَرَهُم فلم يستطيعوا الانسحاب، فوقعت معركة ڤارنا على غير ميعادٍ.
على الرغم من قوة العثمانيين في المعركة والتي يُقدِّرُها البعض بالضِعف أو الضِعفين بسبب عدم اكتمال الجيوش الصليبية يومئذٍ، إلا أن المعركة العنيدة كان من الممكن أن تنتهي لصالح الصليبيين بحسب المصادر الغربية حتى تهور الملك ڤلاديسلاڤ الثالث وقرر قتل السلطان مراد الثاني شخصياً وهرع في كتيبة فرسانه الخاصة إلى الهجوم على المقر السلطاني أثناء المعركة على خلاف الخطة، فقتله جنود الإنكشارية العثمانيون وحزّوا رأسه ورفعوها على حربة، فهرب باقي الجنود الصليبيين وتعرَّض الصليبيون لهزيمة كاملة ثقيلة.
ظلت الدولة العثمانية بعد نصرها الساحق آمنة لعدة عقود من أية محاولات أخرى جادة لطردها من أوروپا، وكانت تلك المعركة هي آخر محاولة في القرون الوُسطى لدفع العثمانيين خارج جنوب شرق أوروپا، وامتد الأثر السياسي تلك المعركة بضعة أعوام بينما امتد أثرها العسكري لعدة قرون في شبه جزيرة البلقان ومهدت لفتح القسطنطينية بعدها بتسع سنوات.
لم تُشارك الإمبراطورية البيزنطية بجنودها في معركة ڤارنا ضد العثمانيين خوفًا من ضياع مدينة القسطنطينية إذا فقدت جنودها في المعركة، وكانت القسطنطينية هي آخر ما تبقى لهم من أملاك. ولكن كنتيجة لهذه المعركة، قوي موقف العثمانيين في شبه جزيرة البلقان وعانى الصليبيون المنهكون من هزيمة أخرى وحشية عام 1448م في معركة كوسوفو الثانية، منعتهم من محاولة استعادة شبه الجزيرة من الدولة العثمانية، فتمهّد بذلك الطريق إلى فتح القسطنطينية عام 1453م بعد معركة ڤارنا بتسع سنوات، وفتحها السلطان اليافع محمد الثاني ابن السلطان مراد الثاني، فتلقَّب بالفاتح.
(المصدر: بوابة صيدا + مواقع التواصل الاجتماعي)
ــــــــــــــــــــ
إقرأ ايضاً:
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..