• لبنان
  • الثلاثاء, تشرين الثاني 18, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 12:38:01 م
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

مأساة جونز تاون: الانتحار الجماعي الذي صدم العالم

بوابة صيدا

داخل غابات غيانا الكثيفة، حيث حلمت جماعة "معبد الشعوب" ببناء مجتمع مثالي، تحوّل ذلك الحلم إلى كارثة بشعة. في 18 تشرين الثاني نوفمبر 1978م (18 ذو الحجة 1398هـ) انتهى هذا المكان الذي أسسه القس جيم جونز بمأساة راح ضحيتها أكثر من 900 شخص. قبل هذا اليوم، كان يُنظر إلى جونز تاون كمشروع اجتماعي وروحي، لكن النهاية كانت بعيدة جداً عن كل التوقعات.

بدأت القصة كحركة دينية تدعو للمساواة والعدالة، لكن سرعان ما تحولت إلى مأساة مروعة، حيث اختلط الانتحار الطوعي بقتل قسري. أكثر من 300 طفل وأبرياء آخرون أجبروا على تناول سُم السيانيد المختلط بالعصير، في مشهد لا يمكن نسيانه.

هذه الحادثة ليست مجرد قصة موت، بل تحذير قوي عن مدى تأثير الزعماء على أتباعهم، وعن الخطر الذي يكمن في فقدان العقل أمام الإيمان الأعمى. ويبقى صوت تلك المأساة يتردد كدرس قاسٍ لعالمنا حتى اليوم.

جونز تاون أو مدينة جونز هو الاسم العامي لمشروع معبد الشعوب الزراعي، مجموعة دولية كانت في الشمال الغربي لـ غيانا الأمريكية تكونت بواسطة طائفة بروتستانتية متطرفة من الأمريكيين من أعضاء المعبد بقيادة جيم جونز.

جيم جونز، كان قسًا كاريزميًا ومتحدثًا مؤثرًا. بدأ "معبد الشعوب" في إنديانابوليس بالولايات المتحدة الأمريكية في الخمسينيات، مدعيًا دعمه للمساواة العرقية والعدالة الاجتماعية، مما جذب العديد من المناصرين، خصوصًا من المجتمعات الأفريقية الأمريكية.

تلقى الأب جونز تزكيات من عدد من رجال الكونغرس ومن عمدة سان فرنسيسكو ومن زوجة الرئيس كارتر وهي تزكيات شجعت حاكم غيانا على أن يمنحه قطعة أرض من 37 الف فدان يقيم عليها مستعمرته ويحقق عليها حلمه المزعوم بمجتمع تسوده المحبة والتعاون والإخاء وتزول فيه الطبقات.

قام جيم جونز بإنشاء المعبد مستنداً إلى بعض الأفكار الماركسية في مدينة إنديانا، ثم قام بنقل الكنيسة من مدينة انديانا إلى ريد وود فالي في كاليفورنيا بسبب إنتشار بعض الفضائح عن ممارسات هذا المعبد ومالبث أن انتقل عام 1977م إلى غابة في منطقة نائية في غيانا لإنشاء "جنة اشتراكية" بعيدًا عن ما وصفه بـ "مؤامرات" الحكومة الأمريكية.

وصفها جونز بالجنة، لكن الواقع كان مختلفًا. كانت الحياة قاسية، مع عمل شاق، وسوء تغذية، وعقوبات قاسية، وغسل دماغ مستمر من خلال جلسات طويلة يهيمن عليها جونز، كان يهدد فيها أتباعه بـ "الانتحار الثوري" إذا ما تعرضت المستعمرة للهجوم.

تصاعدت المخاوف خارجيًا من العزلة وسوء المعاملة داخل المستعمرة. فقامت "لجنة القلق من الأقارب"، وهي مجموعة من أهالي الأعضاء، بالضغط على السلطات للتحقيق.

استجابت الحكومة الأمريكية وأرسلت النائب "ليو ريان" على رأس وفد صحفي للتحقيق في المزاعم. وصل الوفد إلى جونز تاون في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 1978م (17 ذو الحجة 1398هـ)

في البداية، بدا بعض الأعضاء سعداء، ولكن سرعان ما تمكن عدد قليل من الأعضاء من تمرير رسائل سرية للوفد تطلب منهم المساعدة في الهرب.

في 18 تشرين الثاني / نوفمبر (18 ذو الحجة 1398هـ) عندما كان ريان ومجموعة من الصحفيين والأعضاء الذين قرروا المغادرة على مدرج الطائرة في ميناء "كايتوما" القريب، هاجمهم مسلحون موالون لجونز، مما أسفر عن مقتل النائب ليو ريان وثلاثة صحفيين وأحد الأعضاء الهاربين من جنة "جونز"، كانت هذه المجزرة هي الشرارة التي أشعلت المأساة.

عندما علم جونز بهجوم المدرج وفشل في منع الوفد من المغادرة، أدرك أن العواقب ستكون وخيمة. جمع أتباعه وبدأ في تنفيذ ما كان يسميه "الانتحار الثوري".

جمّع أتباعه وأقنعهم أن يشربوا مادة السيانيد السامة الممزوجة بعصير العنب مدعياً ان ذلك إنتحار ثوري وقامت القيادات الخاصة بالجماعة بحقن الأطفال الصغار بمادة السيانيد، و من رفض من الكبار تم حقنهم قسرًا أو إطلاق النار عليهم من قبل حراس جونز المخلصين.

لم يمت جيم جونز بالسم، بل وجد ميتًا بطلق ناري في رأسه، ويُعتقد أنه انتحر أو ربما ساعده أحد أتباعه بالانتحار.

913 شخص من مجموع أعضاء المعبد بينهم أكثر من 300 طفل، ماتوا عدا اثنين نجوا من التسمم..

 

ــــــــــــ

إقرأ أيضاً

فانيا كابلان: اليد التي صفّقت للثورة... ثم صوبت نحوها

واشنطن تحترق... حين قررت بريطانيا تغيير ديكور البيت الأبيض بالنار

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة