بوابة صيدا
بعد عقود من حكمه كديكتاتور مدعوم من الولايات المتحدة، حيث أشرف نظامه على مجازر دموية تعود إلى حقبة الحرب الباردة واتُهم بتبديد مبالغ ضخمة من أموال الدولة لتعزيز ثروة ونفوذ عائلته، تم منح الرئيس الإندونيسي الأسبق "سوهارتو" لقب "البطل القومي" يوم الإثنين الماضي.
وقد أثار هذا التكريم، الذي قوبل باحتجاجات واسعة من جماعات حقوق الإنسان وضحايا نظامه، عاصفة من الجدل ووُصف بأنه محاولة "لتبييض" نظام قمعي، يقدّر المؤرخون أن ضحاياه بلغوا مئات الآلاف.
ومنح الرئيس الإندونيسي الحالي "برابوو سوبيانتو" – صهر سوهارتو السابق، والذي يُعتبر هو نفسه شخصية مثيرة للجدل كونه جنرالاً سابقاً واجه اتهامات بسوء سلوك وانتهاكات لحقوق الإنسان – اللقب لسوهارتو في مراسم رسمية.
سوهارتو: من بطل استقلال إلى مذابح دموية
شهدت مسيرة سوهارتو، الذي ولد عام 1921 عندما كانت إندونيسيا مستعمرة هولندية، صعوداً في الرتب العسكرية ليصبح جنرالاً من فئة الخمس نجوم. لكن منعطفاً دموياً حاسماً وقع عام 1965، أعقبه محاولة انقلاب فاشلة واغتيال عدد من الجنرالات.
حمّل سوهارتو المسؤولية عن الانقلاب للشيوعيين، وأطاح بالرئيس آنذاك سوكارنو، ليشنّ حملة تطهير واسعة على مستوى البلاد استهدفت الشيوعيين المزعومين وأشرف عليها الجيش.
حصيلة الضحايا: تُقدر جماعات حقوق الإنسان والمؤرخون أن عدد القتلى في هذه المذابح التي قادتها القوات المسلحة تراوح بين 500 ألف إلى مليون شخص.
الدعم الأمريكي: كشفت وثائق رُفعت عنها السرية عام 2017 أن الولايات المتحدة دعمت المذابح المناهضة للشيوعية، وقدمت قوائم بأسماء كبار مسؤولي الحزب الشيوعي ومعدات وأموالاً للجيش الإندونيسي. وفي عام 2016، وجدت محكمة دولية في لاهاي أن الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا "كانت جميعها متواطئة" في عمليات القتل الجماعي عام 1965، التي اعتُبرت جرائم ضد الإنسانية.
استمر سوهارتو في السلطة لمدة 31 عاماً، قمع خلالها النقاد والمعارضين، وفرض حكمه على مناطق شملت تيمور الشرقية وآتشيه وغرب بابوا. وانتهى حكمه في عام 1998 عقب الأزمة المالية الآسيوية، مما أجبره على الاستقالة نتيجة للاحتجاجات الشعبية الواسعة.
الجدل مستمر: لماذا التكريم الآن؟
لم يُجب سوهارتو أبداً على تساؤلات الضحايا؛ فقد توفي عام 2008 دون أن يمثل أمام المحكمة بسبب مشاكل صحية.
يُعزى تكريم سوهارتو الآن إلى الرئيس "برابوو سوبيانتو"، الذي كان داعماً قديماً لنظامه، وتزوج ابنته عام 1983 (وانفصلا لاحقاً). وتثير سيرة برابوو، المتهم بخطف نشطاء خلال احتجاجات 1998، مخاوف من التراجع عن المكاسب الديمقراطية.
وأعربت جماعات حقوق الإنسان عن غضبها من قرار التكريم. ووصفته منظمة العفو الدولية بأنه محاولة "لإعادة كتابة التاريخ". وقال "أندرياس هارسونو"، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش: "الفشل في محاسبة [سوهارتو] وجنرالاته المسيئين يسهّل تبييض وتشويه التاريخ الذي يحدث الآن تحت حكم برابوو".
وعبّر الناجون من الاضطهاد عن صدمتهم، حيث قال بيدجو أونتونغ، الذي سُجن دون محاكمة لسنوات: "شعرت بالصدمة وخيبة الأمل والغضب من هذا القرار السخيف للحكومة. إنه شعور عميق بالظلم؛ فنحن ما زلنا نعيش مع المعاناة حتى اليوم".
(المصدر: سي أن ان)
ــــــــــــ
إقرأ أيضاً
جولدا مائير... المرأة التي هُزِمت خلال حكمها دولة الاحتلال..
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..