• لبنان
  • السبت, تشرين الثاني 01, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 10:45:07 ص
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

من صيدا إلى الغموض: القصة المجهولة لـ "رون أراد"

بوابة صيدا  

في السادسة من مساء يوم 16 تشرين الأول / أكتوبر 1986م (13 صفر 1407هـ) شهدت أجواء مدينة صيدا حادثة غيّرت مسار قصة رجلٍ لم يُنسَ، وانطوت على فصول من الغموض لا تكفّ عن استنفار الأذهان.

ففي طلعة جوية استهدفت مواقع في مدينة صيدا، جنوب لبنان، تعرّضت طائرة “فانتوم” لمتفجّر قريبٍ جدًا أو خطأ تكتيكي أدى إلى إصابتها، ما أجبر قائدها و الملاّح على القفز بالمظلّة وسط جنبات الأرض اللبنانية. نجا الطيار "ييشاي أفيرام" بمعجزة، أما "رون أراد" فكان مصيره محاطًا بضباب الأسر والإخفاء.

منذ تلك اللحظة، اختفى أثره بين أنقاض الصفقات السياسية والصراعات الإقليمية، وتشابكت الروايات حول من أسره، ومتى، وأين احتُجز، ثم متى يُحتمل أن يُدفن.

في 16 تشرين الأول 1986م (13 صفر 1407هـ) شنت طائرتان إسرائيليتان من نوع فانتوم سلسلة غارات، على قواعد لحركة فتح والفصائل الفلسطينية في المية ومية، وجبل الحليب المحيط بمخيم عين الحلوة في صيدا، واثناء تنفيذ إحدى الغارات، أسقطت إحدى الطائرات، قيل بصاروخ سام أطلق من على الكتف، وقيل بمضاد أرضي وفق الرواية اللبنانية والفلسطينية..

و وفق الروايات الإسرائيلية، أثناء إسقاط القنابل من طائرة «فانتوم 4، انفجرت إحدى القنابل مبكرًا أو قريبًا جدًا من الطائرة، مما ألحَقَ أضرارًا كبيرة بها، وأجبر الطيار والملاح على القفز بالمظلة.

سارع الجيش الإسرائيلي لحظة سقوط الطائرة الى محاولة إنقاذ ملاحيه يشاي أور، ورون أراد، فزج بثلث قواته الجوية، لتضرب زناراً من النار في دائرة 2 كلم من المنطقة التي سقطت بها الطائرة في وادي طنبوريت، قرب درب السيم، ونجح الطوق الناري الإسرائيلي في إنقاذ الملاح يشاي، إذ أُنجِد بواسطة مروحية من طراز Bell AH-1 Cobra، حيث أمسك بالمروحية من أحد الزلاجات في عملية مخاطرة عالية، وسط إطلاق نار كثيف.

و لكن لم تفلح القوات الإسرائيلية في العثور على رون أراد (أو رون عاراد ولد سنة 1958) الذي ألقت القبض عليه عناصر من حركة أمل، كما أعلنت الصحف اللبنانية في ذلك اليوم..

ويؤكد شاهد عيان من مغدوشة حسب ما نقلت صحف لبنان أن الطيران الحربي الإسرائيلي ضرب طوقاً نارياً حول مكان هبوط الطيار الثاني رون أراد، والذي سقط في طنبوريت، في محلة فاصلة بين المقاتلين من حركة أمل والفلسطينيين، وقد عمد الطيران الإسرائيلي الى دفع الرياح شرقاً، كي يجنب الملاح أراد كثافة النيران التي تتجه نحوه وقد شاهدتُ بأم العين الطيار يشاي يتسلق سلم الطائرة، فيما اختفت أثار أراد منذ ذلك الحين، بينما يتذكر أحد أبناء زغدرايا، أن المنطقة عاشت ساعات على أعصابها وحبس الأنفاس على وقع الغارات الجوية الإسرائيلية الوهمية، وصدى الطلقات الرشاشة التي كانت تريد أن تقتل الملاحين.

ومنذ إسقاط طائرته إلى الحين مصيره غير معروف.

على مر السنوات، قامت عناصر المخابرات الإسرائيلية (الموساد) وجنود من الاستخبارات العسكرية بمحاولات بحثٍ وتحري خلف معلومات تصلها حول مصيره، داخل لبنان وفي سوريا، ومن خلال تفقّد مقابر في قرى لبنانية، وأخذ عينات DNA من جثث مدفونة لربطها به.

في إحدى العمليات التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، قال إنه تم اختطاف ضابط إيراني في سوريا للتحقيق في مصير أراد، وأن الموساد أخذ DNA من جثمان مدفون في قرية لبنانية للتأكد إن كانت جثة رون أراد.

ونقل الإعلام الإسرائيلي أن بعض التقارير الاستخباراتية تفيد أن رون أراد ربما توفي في أسرّه في أواخر الثمانينات، وربما في عام 1988 خلال التعذيب أو بسبب عدم تلقي علاج طبي كافٍ.  

في شهر كانون الثاني / يناير عام 2006 قال الأمين العام لحزب الله الراحل حسن نصر الله أن رون أراد قد مات وفُقدت جثته.

وفي تشرين الأول / أكتوبر عام 2007 أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أن دولة الاحتلال قد تلقت رسالة يُعتقد أنها من عند رون عام 1986.

وذكر تقرير إسرائيلي سري مكون من عدة صفحات قامت به لجنة سرية خاصة برئاسة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حينذاك زئيف فركش ونشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الأسير الإسرائيلي المفقود رون أراد، بقي على قيد الحياة 9 سنوات على الأقل بعد وقوعه في الأسر (حتى عام 1993 على الأٌقل)، وتوفي بعد ذلك نتيجة لمرض على ما يبدو.

وحسب النتائج التي توصلت إليها اللجنة فإن معلومات استخبارية على درجة عالية من الصدقية أشارت إلى أن ملاح الطيران الإسرائيلي رون أراد أعيد من إيران إلى لبنان في أواسط سنوات التسعين واحتجز في مقر تابع للحرس الثوري الإيراني وتوفي على ما يبدو نتيجة مرض.

وكان رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية قد أوصى بالإعلان عن أراد بأنه ليس على قيد الحياة ومكان دفنة غير معروف إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك أرئيل شارون رفض ذلك.

استخدام آراد في الخطاب المقاوم الحالي

في نيسان / إبريل 2024م، أشار المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، أبو عبيدة، إلى مصير رون أراد أثناء مخاطبته أهل الأسرى، محذّرًا من أن مصير بعض الأسرى قد يكون مشابهًا إذا لم تتحرك جهات دولية أو المقاومة نفسها.  

في السياق الإعلامي الفلسطيني، تمّ تضمين آراد ضمن قوائم مصغّرة لأسرى إسرائيليين عند كتائب القسام، ووُضِع اسمه تحت صور عدد من الأسرى الإسرائيليين، ما اعتُبر تذكيرًا رمزيًا بمآل من اختُطف ولم يُعثر عليه.

 

ــــــــــــ

إقرأ ايضاً

ياسر عرفات ومنظمة التحرير يغادرون مدينة طرابلس بعد معارك عنيفة مع منظمات موالية للنظام السوري

"ليلة الطائرات الشراعية".. شاب يقتحم قاعدة عسكرية إسرائيلية على الحدود اللبنانية الفلسطينية

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة