• لبنان
  • الأربعاء, تشرين الثاني 26, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 3:42:57 ص
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

أجنحة من نار: الليلة التي اخترقت الطائرات الشراعية أسطورة الأمان الإسرائيلي

بوابة صيدا

في ليلةٍ سادها صمت الحدود الجنوبية، لم تكن رياح تشرين الثاني الباردة هي الوحيدة التي تعبر من لبنان إلى فلسطين المحتلة. ففي جنح الظلام، كان يحلق في السماء شبحان صامتان على متن طائرتين شراعيتين، حاملين معهما إرادة فولاذية وتخطيطاً محكماً ليصنعا تاريخاً لن يُنسى.

كانت هذه ليست مجرد عملية عسكرية، بل كانت ضربة في الصميم إلى واحدة من أكثر القواعد تحصيناً، وإلى تلك "الأسطورة" التي روجت لها آلة الدعاية الإسرائيلية عن جيش لا يُقهَر وحصونٍ لا تُخترق.

بتخطيط دقيق وجرأة نادرة، حوّل مقاتلا الجبهة الشعبية الطائرة الشراعية البسيطة - التي لا يتعدى هيكلها الخشبي وشراعها القماشي - إلى صاروخ موجه نحو قلب العدو. لقد كانت "أجنحة من نار" حرفياً، حيث أضرمتا النيران في قاعدة "نهلال"، وأذكتا لهيب المقاومة في النفوس، وأسقطتا بليلة واحدة أوهاماً استمرت لعقود.

هذه هي قصة الليلة التي كتب فيها الإبداع العسكري والشجاعة النادرة ملحمةً دحضت الغرور، وأثبتت أن الإرادة أقوى من أي حائط، وأعتى من أي سلاح.

في 25 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1987م (4 ربيع الثاني 1408هـ) وقف أربعة فدائيين بجوار طائراتهم الشراعية فوق أحد تلال وادي البقاع اللبناني وهما فلسطينيان (لا يزال اسميهما غير معروفين) و «ميلود بن نجاح نومة» (تونسي من مواليد عام 1 تشرين الثاني / نوفمبر 1955) و «خالد محمد أكر». (مواليد عام 1967 سوري من مدينة حلب) وقد كان الأربعة يُدركون تمام الإدراك أنهم مقدمون على رحلة بلا عودة، حيث أن نقطة الوصول التي ستهبط فيها الطائرات الشراعية لن تجعلها تُقلع مرة أخرى.

في الساعة الثامنة والنصف مساء أدى الطيارون التحية العسكرية لقادتهم في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة قبل أن يحلقوا مقلعين بطائراتهم الخفيفة، لكن، نتيجة لصعوبات ميكانيكية فإن طائرتين اضطرتا للهبوط داخل الحدود اللبنانية، بينما تحطمت الطائرة الشراعية التي كان يقودها التونسي «ميلود» في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها قوات جيش لبنان الجنوبي (العميل).

أما خالد (الطيار السوري) فقد استطاع السيطرة بإحكام على طائرته وحافظ على تحليقه فوق منطقة الأحراش ليتفادى الرادارات الإسرائيلية ونقاط مراقباتهم؛ ونتيجة لحجم الطائرة الصغير وتحليقها الصامت، ثم براعة الطيار فقد استطاع خالد أن يصل إلى منطقة الهدف الذي تجلى بوضوح في «معسكر غيبور» قرب منطقة «بيت هيلال» والذي كان يضم صفوة من القوات الخاصة الإسرائيلية.

هبط الطيار السوري في هدوء، حاملا معه الكلاشنكوف بيمناه ومسدسا كاتم للصوت في يسراه، ثم تحرك نحو بوابة المعسكر، ليفاجيء الجنود الإسرائيليون كونهم واجهوا مقاتلا منفردا وحده، وقبل أن يُستشهد الطيار السوري «خالد محمد أكر» - بعد أن تمزق جسده بفعل رصاصات الاحتلال - كان قد تمكن من قتل 6 جنود إسرائيليين وإصابة 8 آخرين بجروح متفاوتة الخطر.

هذا وتجدر الإشارة إلى أنه بعد اتصالات عاجلة بين نقاط المراقبة الإسرائيلية قامت دوريات الاحتلال بمسح للحدود، كما قامت بمسح شامل آخر في مناطق مجاورة بمساعدة جيش لبنان الجنوبي العميل لتعثر على طائرة «ميلود» المحطمة؛ كما تمكنت من العثور عليه مختبئا على مقربة من مكان تحطم الطائرة الشراعية بعد أن التوى كاحله جراء هبوطه العنيف,

اعتُبرت العملية نقلة نوعية في أساليب المقاومة الفلسطينية، إذ استخدمت الطائرات الشراعية لأول مرة لاختراق الحدود، و أثارت العملية صدمة في الأوساط العسكرية الإسرائيلية، التي لم تكن تتوقع اختراقًا بهذه الطريقة.

 

ــــــــــــ

إقرأ ايضاً

القائد المسلم أسد الدين شيركوه يُغير على مدينة صيدا التي كانت تحت الاحتلال الصليبي..

القوات الصليبية تحتل بيروت.. وترتكب المجازر بحق سكانها

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة