بوابة صيدا
في زمنٍ انقلبت فيه القيم، وتحوّلت فيه البشر إلى أدوات قمع، برزت أسماءٌ لا تُنسى، لا لأنها صنعت المجد، بل لأنها خلّدت الرعب. من بين تلك الأسماء، يبرز اسم "جوانا بورمان"، المرأة التي لم تكن حارسةً فحسب في معسكرات الموت النازية، بل كانت تجسيدًا حيًا للقسوة، ترتدي زيّ السلطة وتُطلق الألم كما يُطلق الرصاص.
في معسكرات مثل رافنسبروك وبيرغن بيلسن، لم تكن بورمان تُشرف على المعتقلين، بل كانت تُعذّبهم، تُهينهم، وتُطلق عليهم كلبها الشرس وكأنهم فرائس في ساحة صيد. لم تكن تصرخ، بل كانت تبتسم. لم تكن ترتجف أمام الجثث، بل كانت تُضيف إليها.
هذه ليست سيرة امرأة، بل سيرة انعدام الرحمة حين يُغذّيه الفكر المتطرف، وحين تتحوّل السلطة إلى رخصة للوحشية. في هذه السطور، نفتح ملفًا من ملفات الألم، ونروي كيف يمكن للإنسان أن يتجرد من إنسانيته... حين يُغذّيه الحقد، وتُبرّره الأيديولوجيا.
ولدت جوانا بورمان في 10 أيلول / سبتمبر 1893م (29 صفر 1311هـ) وانضمت إلى الوحدة الوقائية المعروفة بالولاء التام لادولف هتلر عام 1938 وخدمت في معسكر "ليختينبورغ" مع 49 من نسوة الوحدة الوقائية، وفي عام 1939 التحقت بمعسكر "ريفنبروك" الكائن بالقرب من مدينة "برلين" لتشرف على السجينات وعلى اعمالهم الشاقة.
وفي آذار / مارس من عام 1942 تم اختيارها من القلة القليلة للعمل بالحراسة في معسكر "اشويتز" في بولندا وفي تشرين الأول / أكتوبر من نفس العام انتقلت إلى معسكر "اشويتز بيركيناو" سيء الذكر.
وكانت "جوانا" قصيرة القامة الا ان قصر قامتها لم يمنعها من ممارسة اشد انواع القسوة على المسجونين وقد اطلقوا عليها لقب "صاحبة الكلب" لاقتنائها كلب ضخم وشرس وقد اعتادت ان تطلقة على المساجين وكان الكلب يفتك بالمساجين فتكا.
وبتعاظم الخسائر على الالمان، انتقلت "جوانا" للعمل في معسكر "هيندينبيرغ" ثم انتقلت لمعسكر "بيرغن بيلسن" الذي داهمه الحلفاء في شهر نيسان / ابريل 1945م.
بعد اجتياح جنود الحلفاء معسكر "بيرغن بيلسن"، تم القاء القبض عليها ومن معها في المعسكر وتم العثور على 10000 جثة و60000 من المساجين الاحياء، وعمل جنود الحلفاء على ارغام جنود القوة الوقائية النازية على نقل الجثث ودفنها.
بعد القاء القبض عليها واستجوابها من قبل الحلفاء، تم احالتها للمحكمة العسكرية المعروفة ب "محكمة بيلسين"، استمرت المحكمة من 17 أيلول / سبتمبر (11 شوال 1364هـ) حتى 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 1945م (13 ذو الحجة 1364هـ).
وبعد استماع المحكمة إلى افادات تدين جوانا، حكمت بادانتها واصدرت حكمها باعدام "جوانا".
نُفذ الحكم في 13 كانون الأول / ديسمبر 1945م (9 محرم 1365هـ) في "سجن هاملن" على أيدي الجلّاد البريطاني الشهير "ألبرت بييربوينت".
قبل الإعدام، قُيس وزنها وتم حساب طول السقطة المناسبة. وصفها بييربوينت بأنها "هزيلة، متعبّة، تصفونها بالكهولة"، وقال إنها تمايلت وهي تمشي نحو القفص قائلًة بالألمانية "I have my feelings" "لدي مشاعري"..
ــــــــــــ
إقرأ أيضاً
فالنتينا فلا ديميروفنا تريشكوفا أول إمرأة في التاريخ تطير إلى الفضاء
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..