• لبنان
  • الأربعاء, أيار 21, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 12:09:58 ص
inner-page-banner
مقالات

قيمة الرأي المخالف (مسألة أصولية)

محمد عياش الكبيسي ـ بوابة صيدا

لو حصلت نازلة في المسلمين، وأردنا معرفة الموقف الذي تبرأ به ذمتنا أمام الله، ونحل به مشكلتنا في الدنيا، فجمعنا أهل الاختصاص من كل الأمة فكانوا 1000 مثلا.

اتفق منهم 999 على رأي وخالف 1.

في الإسلام هذا الواحد له قيمة عظيمة، لماذا؟ لأن انفراده يعني أن الإجماع لم يتحقق، والإجماع حجة شرعية ملزمة للجميع حتى للأجيال القادمة، بينما انفراد هذا المجتهد عطّل الإجماع لكي تبقى المسألة خاضعة للاجتهاد وإعادة تقدير الموقف، فربما نكتشف فيما بعد أن الصواب كان معه وليس معهم، وهذا لا يؤثر في العمل، لأن العمل مشروع بالاجتهاد ولا يشترط فيه الإجماع، كما هو الحال في كثير من أحكامنا الشرعية.

أقول ذلك اليوم وأنا أرى ثقافة معكوسة تحاول إسكات الرأي المخالف قبل السماع لحجته، حتى في القضايا التي تنبني عليها الكوارث.

سأذكر لكم حالتين وقفت عليهما بنفسي

الحالة الأولى؛ حضر ثلاثة إخوة وهم من قلب الحدث، فتكلموا كلاما مؤثرا، حتى كادت تتفطر القلوب، وأثناء حديثهم تطرّقوا إلى بعض المعالجات التي اتخذوها، وكان يجلس بجنبي أستاذ الأساتيذ في هذا الشأن، وهو معروف لدى الجميع بغيرته وإخلاصه، فهمس في أذني؛ هذا غلط ، هذا غلط، سيجر عليهم وبالا، قلت له همسا أيضا؛ دكتور تكلم الله يخليك، قال: (والله تكفروني وتطلعوني أبو جهل).

اليوم أنا أجزم أنه تحمّل إثما - وليسمح لي أستاذنا العزيز- فكونهم لم يحرصوا على سماع رأيه، أو توقعه بأن رأيه سيرفض لا يجوّز له السكوت أبدا.

الحالة الثانية: هذا أستاذ آخر وهو رجل عملي وقيادي وصاحب تجربة كبيرة لا يمكن أن يزايد عليه أحد، وكان له رأي مخالف في موضوع أخطر وأكبر، وقد صرّح به لإخوانه، وحاول إقناعهم به، وكنت أتوقع أن يكون رأيه مؤثرا، لكن سارت الرياح بما لا تشتهي السفن، وابعد عن (مطبخ القرار)، واليوم تسربت بعض المعلومات التي أسأل الله تعالى أن تكون ملفقة -مع أن كل المؤشرات توحي بصدقها- أن بعضهم قد اتهمه بأنه يبحث بمعارضته هذه عن مأرب شخصي و (حب للرئاسة).

فانظروا يا رعاكم الله كيف ينقلب (الأخ الحبيب) في لحظة إلى خصم ونشكك حتى في دينه ونيّته، وفي المقابل نحتفي بالقتلة والمجرمين ونزكيهم ونهتف باسمهم، كل هذا تحت مظلة (اجتهدنا)، ووالله إن الاجتهاد المشروع لا يتسع لكل هذه المفارقات.

إن محاربة أي رأي مخالف وبهذه الطريقة ستجعلنا لا نصحو من كارثة حتى نقع في كارثة أخرى، وسنخسر أنفسنا ويخسر بعضنا بعضا كذلك.

إننا نرى أعداءنا كيف ينتقد بعضهم بعضا ويخالف بعضهم بعضا علنا وأمام الجميع، دون أن يؤثر هذا على تماسك موقفهم في الميدان، ونحن نخشى من أي كلمة، كأن بنياننا المرصوص ملصّق بالصمغ المائع.

لقد صرنا على استعداد أن نقدم الملايين من الشهدا ء لكننا غير مستعدين لمراجعة خطأ وقعنا فيه.

ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة