ما فتئ أعداء الإسلام ومن وافقهم يثيرون الشبهات حول الإسلام الواحدة تلو الأخرى، وقد حظي نظام تعدد الزوجات بنصيب وافر منها قاصدين بذلك تقويض هذا النظام واجتثاثه من قواعده، أو التشكيك حول مقاصد من يقول به ويمارسه، مستدلين في ذلك بما يرونه من أدلة تؤيد وتقوي ما ذهبوا إليه، لكنها في الحقيقة لا تعدو أن تكون شبهات وأوهاما لا يصح التقوي بها أو الاعتماد عليها، وسنعرض هذه الشبهات وتناقشها إظهاراً للحق وإبطالاً للباطل.
الشبهة الرابعة :
ومن الشبه التي أثاروها قولهم: كيف يباح للرجل أن يعدد زوجاته، بينما يحرم على المرأة أن تعدد أزواجها؟ أليس في ذلك إخلال بالمساواة بين المرأة والرجل فى حق الزواج؟ ذلك أن مقتضى هذه المساواة : ـ بداهة - ألا يباح لأحدهما ما قد يحرم على الآخر، والمساواة بين المرأة والرجل في حق الزواج تعني : الاقتصار على نظام الزوجة الواحدة والزوج الواحد، أو الأخذ بنظام تعدد الزوجات مع نظام تعدد الأزواج !! أما إباحة تعدد الزوجات مع تحريم تعدد الأزواج فهو أمر يخالف - دون شك - قضية المساواة المطلقة .
يناقش الدكتور عبد الناصر العطار هذه الشبهة فيقول: في حدود البحث العلمي المجرد عن الهوى والمصالح نلاحظ أن المساواة بين المرأة والرجل في نظام الزواج لا ينبغي أن تكون مساواة مطلقة، وإنما يتعين الأخذ بها فيما قد يصلح له كل من المرأة والرجل، وبالقدر الذي يتفقان فيه في هذه الصلاحية، أما إذا كان هناك اختلاف بين المرأة والرجل في صلاحيات كل منهما، كان من الظلم مساواة المرأة بالرجل في هذا النطاق، لأن المساواة بين مختلفين تعني ظلم أحدهما حتما.
وعلى هذا الأساس نجد حق الزواج مكفولاً للمرأة والرجل على سواء باعتبار أن كلا منهما إنسان، غير أن نطاق هذا الحق يتحدد بمدى صلاحية المرأة أو الرجل للزواج بأكثر من زوج واحد في ظل نظام الأسرة المسؤولة عن أبنائها .
وإذا نزلنا إلى الواقع وجدنا أن سنة الله في الكون جعلت نظام الزوجة الواحدة والزوج الواحد نظاما يصلح لكل من المرأة والرجل. إلا أنها فرقت في ذلك بين المرأة والرجل، ذلك أمر واضح من وجود رحم للمرأة معد للإنجاب قد يتأثر بما يقذف فيه من ماء الرجل بحسب المجرى العادي للأمور، بينما لم يكن للرجل مثل ذلك الرحم منذ بدء الخليقة ولن يكون، وبالتالي تعارضت طبيعة المرأة مع نظام تعدد الأزواج، خشية أن يأتي الجنين من مياه متفرقة فيتعذر تحديد المسؤول عنه اجتماعياً وقانونيا على أساس من الواقع ومن الحق، وقد يستحيل معرفة أبي هذا الجنين من بين الأزواج المتعددين.
كما تأخذ كل زوج الحيرة لمعرفة أبنائه، ومن هذا نشأ شرف المرأة وكان لطهارتها أهمية خاصة من أهمية الحفاظ على الروابط الاجتماعية وفقاً لأصولها الطبيعية.
وعلى العكس تصلح طبيعة الرجل لأن يأتي زوجات متعددات ليس لهن إلا هذا الزوج الواحد فيأتي الجنين من نطفته ومن دمه وحده فيسأل عن رعايته اجتماعياً وقانونياً ودينياً .
كذلك يفتح تعدد الزوجات فرص الزواج أمام كثير من العوانس والأرامل والمطلقات ... بينما لو أبيح للمرأة أن تتزوج مثلا بأربعة رجال لزاد عدد العوانس زيادة عظمى. (تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية ص 9 وما بعدها)
ثم نقول لمن طرح قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الزواج: هناك عدد كبير من النساء مؤهلات للزواج بحكم البلوغ، لكن على الطرف الآخر - أي الرجال - لا يوجد ما يقابله بحكم ما على الرجل من أعباء مادية، وواجبات اجتماعية .
من هنا نقول: أليس من الأولى طرح المساواة بين النساء أنفسهن؟ لماذا تتزوج امرأة بينما تظل الأخرى بلا زواج؟ أليس من المساواة أن يكون لكل امرأة زوج، ولو كان متزوجاً بامرأة أخرى؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب لزمنا العمل بنظام تعدد الزوجات، وإلا بقي كثير من النساء بلا زواج .
(المصدر: كيف تزوج عانساً / تأليف خالد الجريسي)
ــــــــــــــــ
إقرأ أيضاً
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..