• لبنان
  • الأربعاء, آب 27, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 1:34:08 ص
inner-page-banner
إسلاميات

محمد عياش الكبيسي

التطبيع مصطلح حديث لا ينبغي أن يكون مستندا للحكم الشرعي، بل هو نفسه بحاجة إلى تحليل وتأصيل.

كلمة (تطبيع) مصدر الفعل الرباعي (طبّع) كما تقول: درّس تدريسا، وقتّل تقتيلا، وجرّد تجريدا، تقول: طبّع تطبيعا. ومعناه الظاهر : جعل غير الطبيعي طبيعيا، أو غير المعتاد معتادا.

أما كونه مصطلحا سياسيا فالظاهر أنهم يقصدون به جعل العلاقة مع العدو المحتل علاقة طبيعية بوجه من الوجوه.

ويفترض أن ينطبق هذا الوصف على كل عدو محتل، فالحكم الشرعي يعم كل الحالات المتشابهة، لكنه في الواقع ارتبط هذا المصطلح بالاحتلال الصهيوني لفلسطين، فلا أحد يذكر حكم التطبيع مع أمريكا وهي تحتل العراق وأفغانستان، ولا إيران وهي تحتل الأحواز وأربع دول عربية، ولا الصين وهي تحتل تركستان التي هي أكبر من مصر.. الخ

حكم التطبيع:

ممكن تقسيم التطبيع لتنزيل الحكم الشرعي عليه إلى الأقسام الرئيسة الآتية:

أولا: التطبيع الذي هو خيانة، وضابطه كل عمل يعطي الشرعية للاحتلال بشكل صريح ومباشر، ومعنى الشرعية: أن احتلاله لبلادنا عمل مشروع، وأن مقاومته عمل مدان.

ثانيا: التطبيع الذي لا يقر بشرعية المحتل لكنه يقيم مع الاحتلال علاقات سياسية وتجارية كحال كل الدول العربية والإسلامية التي حافظت على علاقاتها الدبلوماسية مع أمريكا رغم احتلالها للعراق وأفغانستان، وكبعض الدول العربية والإسلامية التي تحتفظ بعلاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الغاصب رغم كل الجرائم التي يرتكبها في غزة. وهذا لا شك أنه منكر وسببه الرئيس حالة الضعف التي تمر بها الأمة، بل وغياب مفهوم الأمة أصلا.

ثالثا: التطبيع بحكم الواقع، كالتعامل اليومي للناس الواقعين تحت الاحتلال مع المؤسسات القائمة، كحال كل أهلنا في فلسطين المحتلة خاصة ما يطلق عليه أراضي الـ 48، فهؤلاء يأخذون رواتبهم من الاحتلال، ويعالجون مرضاهم في مستشفياته.. الخ وقد التقينا مع مجموعة من هؤلاء في موسم الحج فذكروا لنا تفاصيل كثيرة.

والحالة تتكرر في كل احتلال، فقد حصل مثل هذا في العراق، وهذا في تقديري لا ينبغي أن يكون محل إنكار مع أنه حالة شاذة، لكن الناس لا يتمكنون من العيش واستمرار حياتهم وتثبيتهم في بلادهم بدون هذا النوع من التعامل.

رابعا: التطبيع الأخطر، وهو التطبيع الثقافي، والذي يعني تقبل وجود المحتل بمنظور ثقافي، بل وتقبل ثقافة المحتل نفسها، ومثاله في الحالة الفلسطينية؛ التبشير بالحق التاريخي لليهود في هذه الأرض، ومحاولة إزالة الحواجز بين الإسلام واليهودية من خلال (الإبراهيمية) ..الخ

ومثاله في الحالة العراقية؛ التثقيف بمشروعية تسليم العراق وغيره للمحتل الإيراني بدعوى (دولة الإمام المنتظر) و (وحدة ساحات المقاومة) وكيل المديح و (التزكية الدينية) لجنرالات الاحتلال والمليشيات المتحكمة بمصير العراق وثرواته.

خامسا: التطبيع الموهوم، وهو ما يطلق عليه بعض الناس (تطبيعا) وهو ليس بتطبيع، مثال ذلك: التفاوض مع العدو، فالتفاوض مع العدو أمر مشروع بكل المعايير الشرعية والقانونية، وهو أمر (طبيعي) ومتوقع بين كل الأعداء المتخاصمين، فالتفاوض لا يستلزم الإقرار بشرعية العدو، أما النقاش حول جدوى التفاوض ونتائجه فهذا موضوع آخر لا علاقة له بالتطبيع.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة