د. صريح صالح القاز
حين يوقّع الكيانُ الإسرائيلي اتفاقًا لوقفِ إطلاقِ النار أو غيره مع المقاومةِ الفلسطينية، أو مع لبنان أو سوريا، ثمّ بعد ساعةٍ واحدةٍ من التوقيع يقوم بانتهاكه بإطلاقِ النار، في حالةٍ لا تختلف عمّا قبل التوقيع، وكأنّه لا وجودَ لأيّ اتفاقٍ أو التزاماتٍ، فأيّ معنى أو قيمةٍ لمثلِ هذا الاتفاق، أو للحديثِ عنه، أو للتعويلِ عليه؟
وحين يوافق الكنيستُ مؤخرًا بالقراءةِ التمهيدية على مشروعِ قانونٍ يجيزُ للكيان فرضَ السيادةِ على الضفّةِ الغربية، بعد توقيعِ الاتفاق الأخير في شرم الشيخ، فهل يُعَدّ هذا التوجّهُ تعبيرًا عن رغبةٍ في السلام؟
وإن كان الكيانُ يتذرّع بأنّ جرائمه في قطاعِ غزّة سببُها المقاومة، فلماذا يخطّط لاحتلالِ الضفّةِ الغربية؟
أين يريدُ الكيانُ الإسرائيلي أن يذهبَ بملايين الفلسطينيين المتمسّكين بأرضِهم ووطنِهم في القطاعِ والضفّة؟
وهل ما زال هناك شيءٌ من ضميرٍ إنسانيٍّ عالميٍّ؟
قلنا ونقول — يا حضرات — إنّ ما يتعرّض له شعبُ فلسطين وأرضُها في القطاعِ والضفّة ليس مردَّه إلى أيٍّ من الذرائعِ التي يسوقُها الكيانُ الإسرائيلي، بل إلى المهمّةِ الروحيةِ التاريخيةِ التي ما زال قلبُ نتنياهو، كما اليمينُ الصهيونيّ المتطرّف، متعلّقًا بها ومتشوّقًا إليها:
إنّها حُلمُ إسرائيل الكبرى، أو مملكةُ داود الموعودة، المستندةُ إلى أساطيرَ توراتيةٍ وتلموديةٍ محرّفةٍ منذ عقودٍ طويلة.
وما يجري اليوم ليس وليدَ "طوفان الاقصی"، بل هو تسارعٌ محمومٌ لمخطّطٍ قديم استُغلّ ظرفيًا بوجودِ الصهيونيةِ المسيحية على سدّةِ الحكم في أمريكا بقيادةِ الرئيس دونالد ترامب، الذي قال ذات يومٍ: "إسرائيل صغيرةُ الحجم، وإنّها بحاجةٍ إلى التوسّع."
ولو لم تكن هذه النزعة المتطرفة متجذّرةً في عقول ونفسيات هذا التيار اليميني تحديدا من منطلق مرجعياتٍ لاهوتيةٍ وتاريخية، لما ظلّوا يسمّون الضفّةَ الغربية "يهودا والسامرة"، رغم أنّ كلّ الأدبياتِ السياسيةِ والقراراتِ الدولية لا تعرفُ لها اسمًا غير " الضفة الغربية " المحتلة!
لكننا لا ندري بعد،
هل فهموا أولئك الرافضون لفكرةِ المقاومة — من أبناء فلسطين أو من غيرهم — جوهرَ الصراع؟
أم ما زالوا لم يفهموا؟
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..