بقلم حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات ـ بوابة صيدا
يبدو ان بعض القيادات السياسية اللبنانية، وهي في موقع متقدم من المسؤولية تتعامل مع المجتمع الدولي والقوى المؤثرة بطريقة تحمل في طياتها الكثير من الرعونة والخفة وعدم الجدية.
إذ إن موضوع تسليم ونزع السلاح من كافة الميليشيات وخاصة حزب الله، ليس موضوعاً قابلاً للمناورة والتذاكي والتحايل، كما انه ليس موضع اعادة نظر من القوى الدولية التي تحاول جاهدة منع ضربة عسكرية اسرائيلية على لبنان.. والحديث عن حوار داخلي ونقاش بين القوى السياسية اللبنانية ليس الا تلاعب بالمفردات وشراء غير مقبول للوقت..
لذا فإن تصريح المندوب الاميركي توماس براك، الذي وصف فيه لبنان بأنه دولة فاشلة، إنما يدل على نفاذ صبر الولايات المتحدة من تباطؤ ومماطلة المسؤولين اللبنانيين في الالتزام بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 27/ 11 /2024، والذي نص على نزع السلاح على كافة الاراضي اللبنانية.. كما يشير كلام براك على ان من يفشل بالالتزام بتعهداته لا بد من وضعه تحت الوصاية الدولية، وهذا ما كنا قد حذرنا منه واشرنا اليه في مؤتمرنا الاخير.. (لقاء نهضة لبنان)..
إن على القادة اللبنانيين وخاصة رئاسة الجمهورية ان تتصرف بمسؤولية وحكمة وبحزم ووضع الجميع امام مسؤولياتهم بالالتزام بما تم الاتفاق والتفاهم عليه لوقف العدوان ونزع فتيل الحرب والتدمير الذي تلوح به اسرائيل، والمهل التي يشار اليها سواء كانت صحيحة ام لا الا ان لها دلالة بالغة الخطورة..
ان هذا الوطن مسؤولية الجميع، فهو ليس ساحة مناكفة وتسجيل نقاط والتضحية بابنائه لخدمة مشاريع اقليمية، ومن يتبوأ المسؤولية عليه ان يتصرف بما يجب وكما يفترض لحماية الوطن والشعب والمصالح العليا للجمهورية اللبنانية ..
إن اعادة الاعمار في مختلف الاراضي اللبنانية ليست مسؤولية حزب او تيار او حركة بل هو مسؤولية لبنانية وطنية، برعاية اقليمية ودولية، ومن الواضح والمعلوم، ان نزع السلاح والالتزام بالقرارات الدولية يجب ان يسبق اي حركة اعمار، لذلك فإن هذه المؤتمرات والحركات الاعلامية والتسميات الرنانة والتصريحات الطنانة لا تقدم اي عمل جدي يخدم المواطن اللبناني المتضرر، والمنكوب في ارضه واملاكه وعيشه ومستقبل عائلته، بل إن هذه الخطابات والمؤتمرات ما هي الا حركة لاثارة الضوضاء وايهام المواطن النازح واللاجيء والمتضرر ان الزعيم والحزب والحركة والتيار وغيرها من التسميات، في قمة الاهتمام، وان الزعيم المفدى ممسك بزمام الامور ولن يمر الدعم والاسناد الا من خلاله وعبره وبموافقته وهذا غير صحيح....
إن الالتزام بالشروط الدولية واللجوء الى مشروع الدولة القوية هو المدخل الحقيقي للحل المناسب والمستدام.. لاننا لا نملك القدرة على تغيير الواقع المؤلم الذي تعيشه المنطقة، ولان مسؤولية حماية الشعب والارض والمصلحة الوطنية تتطلب التفكير بهدوء وواقعية وموضوعية، والخروج من دائرة التحريض والاستعلاء والاستكبار التي تزيد من حدة التوتر الداخلي والانعزال عن المجتمع العربي والدولي.. وبالتالي بقاء لبنان في حالة الجمود السياسي والاقتصادي، واستمرار معاناة الشعب اللبناني الذي يتتبع اخبار التهديدات وبنود التسويات بدل الالتفات الى انطلاق عملية البناء والاعمار والانطلاق التنموي الذي تشهده بعض دول المنطقة..
الخلاصة
كفى تصرفات اعلامية غوغائية وتصريحات ووعود وهمية، وكفى عقد مؤتمرات شكلية ودعائية برعاية هذا المسؤول او ذاك، لزرع الوهم وصناعة التفاؤل غير الحقيقي.. ومؤتمر مصيلح الاخير برعاية نبيه بري نموذج واضح وصريح على هذا النهج الذي يقدم اعماراً ولا يؤمن بناءً.. بل همروجة اعلامية لا اكثر ولا اقل..!!
نعم لمصارحة اللبنانيين بحقيقة الواقع المتردي الذي وصلنا اليه، ومن عدم القدرة على تحمل المزيد من الخراب والدمار ودفع الاثمان الباهظة لحماية مشروع اقليمي بدأ يتراجع داخلياً على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية وحتى الدينية، قبل ان يستسلم للخارج سياسياً وامنياً، تحت ضغط العقوبات وعدم وضوح الرؤية وموضوعية المشروع.. وغياب المشروع الوطني الاجتماعي، وتفكك النسيج الوطني مع تصاعد وتيرة المفردات الدينية والقومية...
لذلك يجب التعامل مع التهديدات الاسرائيلية بجدية بالغة، والالتفات الى التصريحات التي يتم اطلاقها من هذا المبعوث او ذاك، والاكثر دلالة واهمية، هو غياب لبنان الرسمي عن كافة المؤتمرات الدولية والاقليمية.. التي تبحث الاستقرار والتنمية والنهوض والتعاون.. والزيارات الرسمية التي تتم حتى الان هي بروتوكولية واستعراضية.. لا أكثر..
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..