• لبنان
  • الخميس, تشرين الثاني 13, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 9:16:01 م
inner-page-banner
مقالات

حول قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين

د. صريح صالح القاز

من حيث المبدأ، لا يعني سعي الكيان الصهيوني لشرعنة مثل هذا القانون أنه حريص على تقنين أفعاله أو تقويم سلوكه، أو أنه لم يسبق له أن قتل معتقلًا فلسطينيًا؛ فقد قتل المئات، إن لم نقل الآلاف، سواء أثناء الاعتقال أو خلال الاستجواب أو أثناء الاحتجاز، بوسائل وأساليب تعذيب جسدية ونفسية مختلفة.

إذن، فالسؤال الرئيس هنا ليس: لماذا يقتل؟ وكم قتل؟

بل: لماذا يريد هذه المرة أن يُشرّع القتل؟

أبعاد هذا القانون

1. البعد الأمني الردعي:

يراد منه ثني المقاوم الفلسطيني عن القيام بأي عمل ضد المحتل الإسرائيلي، سواء كان عملًا عسكريًا أو استهدافًا للمستوطنين من أي نوع من خلال إعلامه مسبقًا بأنه لن يكون أسيرًا يُفرج عنه لاحقًا، بل سيواجه عقوبة الإعدام، بما يخفف من حدة المقاومة وفاعليتها.

2. البعد السياسي:

يهدف إلى نزع واحدة من أهم أوراق الضغط التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية، وهي أسر الجنود الإسرائيليين بغرض المقايضة على المعتقلين الفلسطينيين.

فبموجب هذا القانون، لم يعد هناك ما يسمى بمعتقل فلسطيني قابل للتفاوض، بل "مجرم" و"إرهابي" سيُعدم.

كما يراد من القانون تعزيز شعبية حزب "الليكود" داخل الشارع الإسرائيلي، باعتباره تكتلًا لا يتردد في استخدام كل ما يستطيع دفاعًا عن المستوطن الإسرائيلي ومؤسسات الكيان وأجهزته.

3. البعد القانوني:

يدرك الكيان أن شرعنة إعدام الأسير بصورة علنية، بعد وصفه "إرهابيًا" وبموجب تهم وتلفيقات قضائية، أفضل من تصفيته في ظروف غامضة دون شرعنة أمام المؤسسات الحقوقية.

فاعتباره "إرهابيًا" يختلف قانونيًا عن اعتباره أسير حرب في نظر المنظمات الحقوقية والمواثيق الدولية.

كما يعتقد الكيان أن هذا القانون قد يساعده على التنصل من التزاماته تجاه اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني التي تُجرّم انتهاك حقوق الأسرى.

ولا يغيب أن الكيان يسعى من خلاله إلى إعدام العديد من المعتقلين الفلسطينيين البارزين الذين يخشى أن يتحولوا، في حال الإفراج عنهم، إلى رموز سياسية ووطنية مؤثرة ضده.

أهم الدوافع وراء القانون

1. صفقة شاليط (2011): أفرج الكيان بموجبها عن أكثر من 1000 معتقل فلسطيني مقابل جندي واحد، وهو ما اعتبره إذلالًا وانتكاسة أمام المقاومة، ومشجعًا لها.

2. عملية "طوفان الأقصى": التي تمكنت خلالها المقاومة من أسر المئات من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، ما زعزع الكيان داخليًا وعزز الخلافات داخل قيادته السياسية حول التفاوض بشأنهم.

3. الفيديو المسرّب من معتقل "سدي تيمان": الذي أظهر جنودًا إسرائيليين ينتهكون حقوق معتقل فلسطيني مدني بطريقة غير إنسانية، مما شكّل ضغطًا على حكومة الكيان أمام الرأي العام العالمي.

4. إدراك الكيان أن عقوبة السجن المؤبد والانتهاكات السابقة لم تُضعف النزعة التحررية ولا الفعل المقاوم لدى الفلسطينيين.

مراحل القانون وخطورته

- طرحه المتطرف إيتمار بن غفير، رئيس حزب "القوة اليهودية"، واحتفل بانتهاء التصويت على إحدى مراحله بتوزيع حلوى البقلاوة.

- ما زال القانون لم يُصوَّت عليه بالقراءة الثالثة ولم يُوقع رئيس الكيان عليه ليصبح نافذًا.

- يُعد قانونًا عنصريًا فاشيًا، لأنه يجسّد النظرة الازدواجية تجاه الإنسان وحقوقه، إذ لا يُعير اهتمامًا لحقوق الفلسطيني، بينما يطلق يد المستوطن ويمنحه السلاح لقتل الفلسطيني دون أي مساءلة.

- يفرض على القضاة الحكم بالإعدام إلزاميًا، ولا يترك لهم حرية تقدير العقوبة، كما يُجيز صدور الحكم بأغلبية بسيطة وغير قابلة للتخفيف.

- يُعتبر هذا القانون بمثابة جريمة إضافية جديدة لجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يواصل الكيان ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني.

- هذا القانون جاء لحماية اليهود وتعزيز استقرار سلطتهم، في المقام الأول لكن الكيان لم يجرؤ على التخصيص كما فعل في قانون تهويد هوية إسرائيل خوفًا من التداعيات الداخلية الإسرائيلية في هذا الظرف.

وهنا يمكن التساؤل:

هل تستطيع الهيئات الحقوقية والمجتمع الدولي إيقاف إقرار هذا القانون الشاذ؟

بل، والأهم ما هو مصير آلاف المعتقلين الفلسطينيين في حال بلغ اليمين الصهيوني ذروة تطرفه وقام بتشريع القانون بأثر رجعي، في انتهاك صارخ لقاعدة عدم رجعية القوانين؟

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة