• لبنان
  • الجمعة, تشرين الثاني 22, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 5:29:27 م
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

القوات اللبنانية تهاجم بلدة إهدن وترتكب مجزرة

بوابة صيدا 

مجزرة إهدن، هو الاسم الذي أطلق على الهجوم الذي قامت به القوات اللبنانية على بلدة إهدن في 13 حزيران/ يونيو 1978 والذي أدى إلى مقتل زعيم حزب المردة طوني فرنجية وعدد من أنصاره. جاء الهجوم بعد أن بلغ التوتر ذروته بين المردة وحزب الكتائب.

ظهرت بوادر الانشقاق بين الطرفين المنتمين إلى الجبهة اللبنانية بعد تنامي الخلاف بين سليمان فرنجية وباقي أعضاء الجبهة حول الدور السوري إضافة إلى التنافس التقليدي بين الحزبين.

زاد الخلاف مع محاولة بشير الجميل قائد القوات اللبنانية الهيمنة على حلفائه ودمج ميليشياتهم تحت راية القوات.

بعد تنامي المناوشات بين الطرفين وخصوصا بعد مقتل جود البايع، مسؤول الكتائب في منطقة زغرتا - الزاوية، قرر الجميل الضرب بقوة.

(يُقال ان بشير الجميل قال لطوني فرنجية قبل أسبوع من وقوع المجزرة عندما اجتمعا في بكركي: "عليك ان تمشي مع إسرائيل"، فأجابه طوني: "أنت حرّ في ان تتبع إسرائيل ولكن لا يمكنك ان تفرض عليّ شيئاً، فأنا خياري هو السوري... اليوم هناك خياران: إما السوري وإما الإسرائيلي، أنت اخترت السير مع إسرائيل وأنا اخترت سوريا. ردّ بشير: "لكنك ستقتل". أجابه طوني: "وإن يكن".

كما يُقال ان الرئيس الياس سركيس عندما لوّح بالاستقالة امتعاضاً مما يجري في لبنان، قال له الرئيس السوري حافظ الأسد ان البديل عنه موجود، في إشارة الى طوني فرنجية، فما كان من بشير إلا ان قرر قتله لأنه كان طامعاً بالوصول الى الرئاسة وتنفيذ المخطط الإسرائيلي، وهذا ما حصل عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان). هذا حسب ما ذكره الكاتب الفرنسي ريشار لابيفيير في كتابه (مجزرة إهدن) .

عندها كلف بشير الجميل سمير جعجع بالهجوم على معقل فرنجية الصيفي. ويكشف جعجع في أحاديث صحافية سبب اختياره للعملية موضحاً: قالوا لي: ما حدا غيرك قادر يتحمل هالمسؤولية على مستوى المنطقة ككل. أنت عايشت كل المجموعات العسكرية خلال حرب السنتين ولهم ثقة بك. ما لازم نبعث مسؤول غريب كرمال معنويات أولاد الشمال. وافقت وتحدثنا في بعض التفاصيل. ويومها صدرت عن بشير بوصفه رئيساً لمجلس الأمن مذكرة أبلِغت الى كل المراكز المعنية، وجاء فيها: "نظراً للأوضاع الحالية السائدة في منطقة الشمال يعيَّن وبشكل موقت الرفيق سمير جعجع مسؤولاً عن كل القوى العسكرية والنشاطات والتحركات العسكرية التي تشهدها منطقة الشمال في الوقت الحاضر، وذلك حتى نهاية الوضع القائم".

ويتعرض الكاتب الفرنسي ريشار لابيفيير في كتابه (مجزرة إهدن) بالتفاصيل لعملية اقتحام القصر حيث سقطت قذيفة مباشرة على طرف الباب الرئيسي للدار، وشبّت النار في الباب وفي السقف، وتطاير الزجاج وراء الشبابيك الخارجية، فامتشق طوني فرنجية سلاحه، وهرعت زوجته فيرا إلى الغرفة الملاصقة، غرفة ابنتهما الصغيرة جيهان.

في الخارج، من مكان قريب جداً، سُمع صوت سمير جعجع يصرخ: "طوني فرنجية، نحن الكتائب. أنت مطوّق وستخرج ميتاً أو حياً".

من الباب الرئيسي المحطّم، أطلق طوني النار باتجاه الصوت. جاء الردّ عليه برشقات من أسلحة أوتوماتيكية انهمرت على الواجهة طيلة عدّة دقائق. تؤكد بعض الإفادات بأن سمير جعجع جرح من قبل طوني فرنجية في التبادلات الأولى لإطلاق النار، الأمر الذي أصاب رفاقه بالجنون.

ازداد رجال سمير جعجع شراسة بعد جُرح قائدُهم، فكثّفوا من إطلاق النار، وانفصلت مجموعة صغيرة عن الرجال الثلاثين الذين طوقوا الدار واتجهت نحو فندق بلمون بغية الانتقال إلى ما وراء واجهة القصر ومهاجمة طوني من الخلف. لكن هذا الأخير استبق المناورة، فقفز إلى المطبخ الذي يستطيع من داخله أن يطلق النار في الاتجاهين: صوب الباب الرئيس وصوب نافذة المطبخ كي يحمي ظهره. وهكذا، حين أكملت المجموعة التفافها استُقبلت بثلاث طلقات من بندقيته. فجرح أحد عناصرها في كتفه، وألقى عنصر آخر قنبلة يدوية إلى داخل المطبخ. حاول طوني الارتداد كي يحمي نفسه، لكن القنبلة انفجرت قبل أن ينهي حركته، وانتشرت شظاياها في كلّ اتجاه. أصيب طوني إصابة بليغة في الظهر، وسقط منبطحاً على بطنه فاقداً وعيه. كذلك أصيبت بجرح مميت المربية فدوى بركات (55 سنة) التي كانت قد لحقت به.

دخل الكتائبيون القصر بينما كانت فيرا تدخل الصالون حاملة ابنتها جيهان بين ذراعيها. عندما وقع بصرُها على جسد زوجها، أطلقت صرخة دهشة وألم، وارتمت عليه، وأخذت رأسه بين يديها، (...). بدءاً من تلك اللحظة تضاربت الروايات، حيث يقال إن نائب القائد، ادمون صهيون، كان آخر من وصل إلى المكان، وأنه فقد سيطرته على الرجال، وأن هؤلاء كانوا لا يكفون عن تبادل الشتائم وحتى التهديدات. كانت الأوامر والأوامر المضادة تتعاقب في جوٍ من البلبلة الشاملة. ويقال إن ادمون صهيون تشاجر بصورة فجّة مع حنا شليطا أحد مقاتلي كفر عبيدا الذي كان يريد إكمال العمل بأي ثمن. فجأة ارتفعت ماسورة أحد الرشاشات. وبرشقة من رشاش توقف الصراخ وتحجّرت الدموع.

وبينت التحقيقات التي أجراها القضاء اللبناني بواسطة القاضي عبدالله بيطار بعد إحالة الجريمة الى المجلس العدلي ان نحو أربعمائة وخمسين مسلحاً من ميليشيا حزب الكتائب توجهوا بقيادة قائد منطقة الشمال الكتائبية آنذاك سمير جعجع الى إهدن بعدما تمّ تجميعهم بناء على أوامر خطية ووفق لوائح اسمية ضبط معظمها في مكان المجزرة، من مختلف بلدات الشمال، ولا سيما منها بلدات قضاءي البترون وبشري لتنفيذ مهمة محددة بالانتقام من قاتل جود البايع.

وكانت هذه القوة مزوّدة بسيارات ناقلة للجند وبأخرى تحمل رشاشات من عيار 500 وبفرقة مزودة بصواريخ "آر بي حي" أطلقت صاروخين على مدخل القصر المهاجم، وان أبرز مطلقي النار على فرنجية وزوجته وابنته يدعى ادمون صهيون من كفرعبيدا، بالإضافة الى أسماء أخرى أوقفت لمشاركتها، ومنها جورج نجم، فرح وحنا شليطا، وطوني بطرس.

تسبب الهجوم في مقتل طوني فرنجية وزوجته فيرا وابنتهما جيهان البالغة من العمر سنتين ونصف السنة وأكثر من ثلاثين من أنصاره، إلا ان أهالي زغرتا كان ردُّهم عنيفاً، وطردوا كل الكتائبيين من منطقة الشمال حتى المدفون بعدما أعطوهم مهلة 15 يوماً لتسليم أسلحتهم وبطاقاتهم الانتخابية تحت طائلة التهديد بالقتل.

أما الرئيس فرنجية الذي عانى قبل الجريمة من ذبحة صدرية، وكان في فترة النقاهة، فما إن علم بالأمر حتى طلب الذهاب الى إهدن، وشاهد الدماء والقتلى وبكى وقال "فداء للبنان"، بينما تمتم عند رؤية الطفلة جيهان: "الأمور تتساوى بين الرجال ولكن هذه الطفلة من يغسل دمها"؟.

أدى حدوث المجزرة إلى تفجير الوضع بين المردة وسوريا من جهة والجبهة اللبنانية من جهة أخرى وكان عاملا هاما في اندلاع حرب المائة يوم في صيف 1978.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة