بوابة صيدا
في 18 أيار / مايو 1965 / (18 محرم 1385هـ) تم إعدام الجاسوس الصهيوني "إيلي كوهين" في سوريا، بعد ترحيله من مصر عام 1956م إلى فلسطين المحتلة، وبعد سنوات استطاع أن يصبح شخصية نافذة في سوريا زمن حكم "أمين الحافظ"، تحت اسم مستعار هو كامل أمين ثابت قبل اكتشاف حقيقته.
ولد إيلي كوهين أو الياهو بن شاؤول كوهين في 26 كانون الأول / ديسمبر 1924 بالإسكندرية في مصر.
في عام 1944 انضم كوهين إلى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدأ متحمساً للسياسة الصهيونية تجاه البلاد العربية.
وبعد حرب 1948، أخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين.
في عام 1949 هاجر أبواه وثلاثة من أشقائه إلى فلسطين المحتلة بينما تخلّف هو في الإسكندرية ليعمل ضمن شبكة للمخابرات الصهيونية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشأت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية بهدف إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي عام 1954، تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون، وقد استطاع كوهين إقناع المحققين ببراءته من التفجيرات، ومن الانتساب إلى شبكة التجسس..
بعد خروجه من مصر عام 1955 التحق بالوحدة رقم 131 بجهاز الموساد ثم أعيد إلى مصر ولكنه كان تحت أعين المخابرات المصرية التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي على مصر في تشرين أول / أكتوبر 1956.
بعد الإفراج عنه، هاجر إلى فلسطين عام 1957 حيث استقر به المقام محاسباً في بعض الشركات، وقد رأت المخابرات الإسرائيلية في كوهين مشروع جاسوس جيد فتم إعداده ليكون جاسوسا في سوريا، ولأنه يجيد اللغة العربية فقد استطاع أن يجيد اللهجة السورية بطلاقة.
رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو بها سورياً مسلماً يحمل اسم كامل أمين ثابت هاجر وعائلته إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 حيث لحق به كامل وعائلته عام 1947. وفي عام 1952، توفي والده في الأرجنتين بالسكتة القلبية كما توفيت والدته بعد ستة أشهر وبقي كامل وحده هناك يعمل في تجارة الأقمشة.
تم تدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة. مع تعليمه القرآن وتعاليم الدين الإسلامي.
في 3 شباط / فبراير 1961، غادر كوهين فلسطين إلى زيوريخ، ومنها إلى الأرجنتين، تم تعيينه في شركة للنقل وظل كوهين لعدة أشهر يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح فكون لنفسه هوية لا يرقى إليها الشك، واكتسب وضعا متميزاً لدى الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده وأصبح شخصية مرموقة.
سافر إلى سوريا في كانون الثاني / يناير 1962 بعد أن قام بتصفية كل أعماله في الارجنتين، وفي الشهور الأولى تمكن كوهين من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين السوريين.
كان من المعتاد أن يزور أصدقاءه في مقار عملهم، وكانوا يتحدثون معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع العدو الصهيوني والأسلحة التي يمتلكها الجيش السوري.
في أيلول/ سبتمبر 1962، صحبه أحد أصدقائه في جولة داخل التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان. وقد تمكن من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة تصوير دقيقة مثبتة في ساعة يده أنتجتها المخابرات الصهيونية والأمريكية.
وفي عام 1964، زود كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة. وفي تقرير آخر، أبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز ت-54 وأماكن توزيعها وكذلك تفاصيل الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من الكيان الصهيوني في حالة نشوب الحرب.
في عام 1965، وبعد 4 سنوات من العمل في دمشق، تم اكتشاف حقيقة كوهين، وذلك أنه كان يسكن قرب مقر السفارة الهندية بدمشق وأن العاملين بالإتصالات الهندية رصدوا إشارات لاسلكية تشوش على إشارات السفارة فتم إبلاغ الجهات المختصة بسوريا التي تأكدت من وجود رسائل تصدر من مبنى قرب السفارة وتم رصد المصدر وبالمراقبة تم تحديد وقت الإرسال الأسبوعي، وتم مداهمة المكان والقبض عليه متلبسآ، وحاول أن يتناول السم ولكنهم أمسكوه قبل ذلك.
تم إعدامه في ساحة المرجة وسط دمشق في 18 أيار/مايو 1965.
طلب الرئيس الصهيوني رؤوفين ريفلين مطلع عام 2017 من نظيره الروسي فلاديمير بوتين حليف النظام السوري المساعدة على نقل رفات الجاسوس الصهيوني إيلي كوهين، إلى فلسطين ليتم دفنه في مقبرة يهودية، وقد وعد بوتين نظيره الصهيوني ببحث الموضوع.. وكانت السلطات السورية رفضت من قبل طلبات العدو الصهيوني المتكررة بهذا الشأن، بزعم أنها لا تعلم مكان دفن الرفات.
وفي نيسان / أبريل 2019 قالت صحيقة "جيروزاليم بوست" الصهيونية نقلا عن تقارير سورية، إن الوفد الروسي الذي زار سوريا مؤخرا، غادر وهو يحمل تابوتا يضم رفات الجاسوس الصهيوني، إيلي كوهين، ولم تنف أي مؤسسة في دولة الإحتلال الصهيوني، بشكل رسمي، ما ورد بشأن نقل رفات الجاسوس، وقال مراسل القناة الثانية، يارون أفراهام، إن النشر بشأن القضية لم يعد ممنوعا في الوقت الحالي. وكان جهاز الموساد قال الخميس (12 نيسان / أبريل 2019) إنه تمكن في وقت سابق من استعادة ساعة جاسوس صهيوني أعدم في سوريا عام 1965.