عبد الباسط ترجمان / بوابة صيدا
مما لا شك فيه أن الإعلام من أهم الأسلحة المستخدمة في عصرنا الحاضر، من خلاله يُمكن نشر ثقافات الشعوب، وعاداتهم، وتقاليدهم، أو استخدامه في غسل الأدمغة، والترويج لثقافة القتل.. والحرب... والتدمير، والاحتلال.. والشذوذ، وقلب الحقائق، وتغيير الوقائع..
الغرب استخدم الإعلام سلاحاً فتاكاً للسيطرة على الدول، فروّج الأكاذيب، ونشر الأباطيل، ليتمكن من احتلال هذا البلد أو ذاك، وتدمير بنيته وثقافته، تارة باسم الديمقراطية، وتارة دفاعاً عن حقوق الإنسان و المرأة، ونصرة الأقليات..
في المقابل، غض الطرف عن جرائم ومجازر ارتُكبت في عالمنا العربي والإسلامي، فلا نكاد نسمع له صوتاً عن جرائم الصهاينة في فلسطين، أو جرائم الاحتلال في العراق، ومالي، والشيشان، أو مجازر الأنظمة في سوريا... ومصر.. وميانمار، والهند، والصين ..
فالغرب، استخدم الإعلام للترويج لمناقبه، ونشر ثقافته، والديمقراطية التي يتغنى بها، كما استخدمه لمحاربة خصومه وأعدائه ونشر ثقافة "صناعة الموت" بينهم..
"صناعة الموت"، هو حقيقة الإعلام العربي الذي يروج للأنظمة واستباحتهم لكل كرامة إنسانية، من خلال القتل، والتعذيب، والاعتقال، والإخفاء.. فلا نكاد نسمع من هذا الإعلام إلا التأييد المطلق لما يقوم به هذا الحاكم.. أو ذاك، بسفهاء يتحدثون، أو بمعممين يُفتون، فكان هذا الإعلام حرباً على الشعوب المقهورة، التي سئمت من حكم الحديد والنار.. وكلمة الزعيم الأوحد الخالد.. الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا ينطق عن الهوى..
ولا نرى في إعلامنا العربي (إلا ما ندر) إلا المادة الهابطة، والبضاعة الكاسدة، والترويج لكل ما خالف الفطرة، والدين، والعرف، والعادات، وصناعة شخصيات "ساقطة" لتكون قدوة لأجيال الأمة..
شعب يُقتل، ويُعذب، وتنتهك أعراض نسائه، ويُذل رجاله في أفغانستان، من قِبل جنود "الديمقراطية الأمريكية" ووسائل إعلام عربية تبث مقابلة مع إمرأة أفغانية تشكو منعها من ممارسة "الدعارة" اثناء حكم طالبان..
تغاضى هذا الإعلام عن كل المجازر بحق الشعب الأفغاني، وتباكى على فتاة مُنعت من ممارسة الدعارة.
ولا ننسى، "أسلحة الدمار الشامل يهدد العالم.." هذا الشعار الذي رفعته إحدى الفضائيات العربية، أثناء العزو الأمريكي للعراق عام 2003، واستضافت قادة، وسياسيين عرب وأجانب، لتبرير احتلال الولايات المتحدة للعراق، بينما تحاملت على المقاومة العراقية، ونبذتها بالتطرف والإرهاب، وغضت الطرف عن مجازر المحتل، من قتل واغتصاب وتعذيب..
إقرأ ايضاً: جرائم اليهود.. أوامر رب.. و وحشية نبي |
وأصدرت الولايات المتحدة أوامرها باجتماع الجيوش ومنها جيوش عربية لمحاربة "الإرهاب" المتمثل في تنظيم الدولة (داعش) فدُمرت المدن في سوريا والعراق، ولم نر هذا الإعلام إلا مسانداً للحرب، فهذا التنظيم، قتل، وذبح، واغتصب.. وهدد، وتوعد... فكانت الحرب المدمرة عليه، و التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين..
هذا الإعلام الذي حرض على "داعش" لإجرامها بحق المدنيين، هاهو اليوم يكاد يكون صامتاً أخرساً أمام ما تفعله آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، من تدمير، وقتل، وتعذيب..
وكأن قتل "داعش" للمدنيين (وهو لم يتجاوز بضعة آلاف حسب الإعلام الغربي) يستحق التحرك، وفتح الهواء لمن أراد تجريم هذا التنظيم، وتشويه صورة الإسلام من خلاله، بينما مقتل أكثر من 33 ألف شخص في غزة (حتى كتابة هذا المقال)، معظمهم أطفال ونساء وتدمير غزة، وحصارها، وتجويع سكانها، أمر مبرر، لا يستحق أن نفرد له مساحة للإضاءة على ما يجري..
بل، لقد وصل الحال ببعض الإعلام العربي، أن ينقل كلمات و تقييمات قادة الاحتلال، ويمتنع عن نقل كلمات قادة المقاومة الفلسطينية.. بل، ويصف هذا الإعلام المقاومة في غزة أثناء الحرب، بالمنظمات الإرهابية المتطرفة..
هذا الإعلام خسر معركته التي يخوضها نيابة عن الغرب، الشعوب لا تنسى، ولا بد أن يأتي يوم المحاسبة على ما بثه من إحباط للعزيمة، والترويج لثقافة الهزيمة والانكسار.. و محاربة ثوابت الأمة، وعاداتها، وتقاليدها، وقبل ذلك وبعده دينها وفطرتها، وبث الفرقة بين المجتمعات.. فلا يمكن تضليل الشعوب لفترة طويلة..
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..