طارق أبو زينب ـ نداء الوطن
وسط التحولات الإقليمية المتسارعة، ومع تراجع ما يُعرف بـ "الهلال الشيعي"، الذي مثّل لعقود محور النفوذ الإيراني في المنطقة، يبرز تكوّن هادئ لكنه متين لما يُسمّى "الهلال العشائري السني العربي". هذا التشكيل لا يرتكز على الطائفية أو المذهبية، بل يقوم على شبكة تضامن عشائري عابرة للحدود، معيدة بذلك رسم موازين القوى خارج أطر الميليشيات والاستقطاب الأيديولوجي .
بديل ناعم في مواجهة الهلال الإيراني
يثير هذا المشهد تساؤلات جوهرية حول قدرة "الهلال العشائري السني" على أن يكون بديلًا فعليًا لـ "الهلال الإيراني"، الذي استند خلال العقود الماضية إلى أيديولوجيا مسلحة وهيمنة سياسية. في المقابل، يرتكز "الهلال العشائري" على روابط اجتماعية وتاريخية، وانتماءات جغرافية واضحة، ما يمنحه قوة ناعمة تتمثل في شبكة النفوذ الاجتماعي، والقدرة على حشد المجتمعات دون الحاجة إلى أدوات العنف أو القمع.
هذا التباين في الأسلوب والمضمون يفتح آفاقًا لإعادة توازن قوى النفوذ الإقليمي، ويمنح فرصة لإحياء الاستقرار داخل المجتمعات المحلية التي عانت طويلًا من الاضطرابات والصراعات الطائفية.
العشائر وأمن المجتمعات المحلية
تمتلك العشائر العربية قدرة على استعادة الأمن المحلي، خصوصًا في المناطق التي تعاني من ضعف حضور الدولة أو تآكل مؤسساتها. فالهلال العشائري ليس مشروع سلطة أو تسلّط، بل شبكة اجتماعية تعرف أرضها وتاريخها وناسها، وإذا ما تم تنظيمه بشكل مدروس، يمكن أن يصبح رافعة للاستقرار المحلي بدلًا من أن يتحول إلى ساحة صراع جديدة.
في هذا الإطار، يتجاوز دور العشائر الجوانب الأمنية، ليشمل المساهمة في الاقتصاد المحلي، وتنظيم الموارد، وتقديم خدمات بديلة، كما في حالات إدارة النزاعات أو دعم التعليم أو حتى الخدمات الطبية في المناطق النائية .
تحرك ميداني من وادي خالد إلى السويداء
تُبرز المواقف الأخيرة للعشائر العربية في لبنان هذا الدور الفاعل، حيث شارك أفراد من وادي خالد في "النفير العام" والدفاع عن قرى العائلات البدوية في محافظة السويداء السورية، التي تعرّضت لهجوم من فلول النظام السوري السابق، بالتزامن مع قصف من القوات الإسرائيلية. كما نظمت مسيرات تضامنية في البقاع الأوسط وشمال لبنان، تعبيرًا عن رفض التعدي على هذه العائلات.
وأكد مصدر موثوق من وادي خالد لـ "نداء الوطن" أن مشاركة شباب العشائر في تلك المواجهات لم تكن ذات طابع طائفي أو مذهبي، بل تعكس تضامنًا عشائريًا متجذرًا يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، قائمًا على الانتماء العربي والمصير المشترك .
تحديات داخلية تهدد التماسك
ورغم تنامي قوة هذا التحالف، لا تزال التحديات الداخلية ماثلة. أفادت مصادر لبنانية مطلعة لـ "نداء الوطن" أن التاريخ الطويل للنزاعات القبلية قد يعيد فتح جراح قديمة تؤثر سلبًا على وحدة الصف، إضافة إلى وجود صراعات نفوذ بين بعض القيادات العشائرية، قد تعيق التنسيق الفعّال بين مكوّنات "الهلال العشائري".
ويُهدد احتمال استغلال هذه الشبكات العشائرية من قبل قوى إقليمية أو جماعات متطرفة الأمن والاستقرار، ما يستدعي اعتماد مقاربة حذرة في إدارة هذه التحالفات، وضمان التزامها بمبادئ العيش المشترك، ونبذ العنف والتطرف وخطاب الكراهية، والسعي لتحقيق أهداف التنمية والمواطنة.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..