بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
ما جرى بالأمس في شوارع القدس المحتلة 26 مايو 2025 حيث ارتفعت أعلام دولة الاحتلال وهتف الآلاف بالموت والدمار، وما حصل من شتم لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إنما هو في الحقيقة إعلان لبداية انهيار المشروع الصهيوني. تحولت فيه ما تسمى ب "مسيرة الأعلام" في منطقة باب العامود إلى تشييع لجنازة ما تبقى من أوهام الليبرالية، وانكشف وجهها الحقيقي كمشروع إحلالي لا يرى في الآخر سوى فائض وزائدة لحمية يجب التخلص منها ومحوها.
إن الهتافات التي انطلقت من يهود الشتات نقلا عن قناة "كان" العبرية ، مثل "لنسوي غزة بالأرض" و "ولتحترق شعفاط" و "الموت للعرب" وغيرها من الهتافات الفاشية والاعتداء على أصحاب المحلات والبصق في وجوههم، هي إفرازات البنية التحتية التي تربت عليها اجيال لنظام قائم على سرقة الأرض والذاكرة وعلى إعادة النكبة بشكل يومي.
في السابق كانت هذه الدولة تحاول تسويق احتلالها بلبوس ديمقراطي وعلى أنها الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأن جيشها هو الأكثر أخلاقي. ولكن هذا التسويق لطالما فشل، فوجهه الإحلالي القبيح انكشف منذ بداياته وخاصة عام 48 وما ارتكبه من تطهير عرقي وفظائع يندى لها الجبين.. واليوم انكشف أكثر.
فيوم أمس كان حافلا بالنسبة لليهود، فذلك الرقص الذي شارك به متطرفون مثل "بن غفير" و "سموتريتش" وغيرهم من قادة الدولة المارقة بمناسبة ذكرى احتلال القدس، إنما هو فعل طقوسي، يعيد ترسيخ الهيمنة ويعلن أن مدينة القدس لم تحتل فقط جغرافيا إنما احتلت في الوعي أيضا.
وأقول أن هذا الرقص لا يعني الثقة، بل يكشف عن خوف ورعب أمام هيبة المدينة المقدسة التي أوقفت "اللنبي" وجيشه عام 1917 حينما جاءها غازيا ومحتلا. حيث لم يستطع التقدم حينما لاحت له قباب الأقصى من بعيد. واليوم هذا الرقص هو ردة فعل رعب وخوف قادة الاحتلال ومستوطنيه، وهو لا ينم عن الانتصار الذي يدّعوه، لأن الانتصار لا يكون بقتل الأبرياء وإبادتهم، لا يكون بهدم البيوت وسرقة الأرض ونهب الممتلكات، الانتصار لا يكون عبر الاستقواء بالطائرات وأسلحة الغرب وأمريكا، الانتصار الحقيقي لا يكون بدحر أطفال رضع وأجنة في الأرحام.
إن ما حدث في الأمس في القدس القديمة وساحات الأقصى، حيث رُفعت لافتات في باب العامود كُتب عليها..
عام 67 القدس في قبضتنا..
وعام 2025 غزة في قبضتنا..
ودون نكبة لا يوجد انتصار..
هو إعلان لمرحلة جديدة، مرحلة ما بعد التجميل، إنها لحظة فشل عملية التجميل وانكشاف الوجه المشوه للاحتلال..
وإذا كان هذا هو وجه الاحتلال الصهيوني الذي لم يعد يخجل من عرضه علنا، فإن الوجه العربي الغارق في صمته تواطؤه لا يقل خجلا عن وجه الاحتلال.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..