• لبنان
  • السبت, أيار 24, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 2:37:26 م
inner-page-banner
مقالات

من فردان إلى خانيونس.. لا شيء تغير في المنظومة الأخلاقية

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

استدعت عملية اغتيال القائد أحمد كامل سرحان مسؤول العمل الخاص في ألوية صلاح الدين في خانيونس بتاريخ 19 مايو 2025 والتي نُفذت بتنكر منفذيها بزي نسائي، ذاكرة عملية فردان عام 1973 التي نفذها الموساد بقيادة "إيهود باراك" في إبريل 1973، عندما اقتحمت وحدة "سايرت ماتكال" الصهيونية قلب بيروت واغتالت ثلاثة من قادة منظمة التحرير الفلسطينية هم كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار.

إن العامل المشترك بين العمليتين لا يكمن فقط في البعد الاستخباراتي، بل يتعداه إلى التوظيف الرمزي لعنصر المفاجأة والخداع، من خلال تقمّص الوحدة الصهيونية الإرهابية هيئة النساء بهدف اختراق الأماكن المستهدفة والوصول إلى القادة.

في عملية فردان، ظهر "إيهود باراك"، الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء، وهو يتنكر بملابس امرأة سوداء أما زميله فقد تنكر بملابس امرأة شقراء.

واليوم، في خانيونس، يعيد الاحتلال الفاشي الأسلوب الجبان ذاته. فالوحدة الخاصة التي نزلت من حافلة أوحت بأنها تقل نازحين من غزة، ظهر عناصرها وهم يرتدون الزي النسائي واقتحموا منزل الشهيد أحمد سرحان بنية اعتقاله حيا. وعندما فشلت العملية بعد أن خاض الشهيد اشتباكا بطوليا مع القوة الإرهابية الصهيونية الجبانة قامت بإعدامه ميدانيا أمام أسرته. ويذكر أن العملية استمرت عشرين دقيقة. وكانت المنطقة قد قصفت بالطائرات لمنع أي تدخل محتمل.

في بيروت، كانت عملية فردان جزءا من حملة انتقامية ردا على عملية ميونيخ التي نفذتها منظمة أيلول الأسود التابعة لحركة فتح، ورسالة واضحة لقيادة منظمة التحرير بأن يد الاحتلال طويلة وقادرة على الوصول إلى قادتها في عمق العاصمة اللبنانية واغتيالهم.

أما في خانيونس، فتأتي العملية في ظل حرب مستمرة على غزة تشير إلى توجه أكثر خطورة يتمثل في توسيع مساحات الاغتيال خارج ميدان المواجهة التقليدي، ليشمل البيوت والمخيمات، مع تزايد واضح في الانتهاكات الأخلاقية والمدنية.

وفي كلتا العمليتين نستطيع استخلاص رسالة رمزية لا تخفى خلف استخدام الزي النسائي في العمليتين. تكمن هذه الرسالة في محاولة مقصودة لاختراق الأماكن الخاصة التي ترتبط بالمدنيين والأسر، مما يفتح الباب أمام قراءة أعمق لمستوى الانحلال الأخلاقي الذي تسمح به المنظومة الأمنية الصهيونية حين يتعلق الأمر بتحقيق أهدافها العسكرية.

ففي فردان، كان التنكر بهدف التسلل إلى شقق القادة في قلب بيروت. أما في خانيونس فقد تحول إلى غطاء لعملية اعتقال ثم قتل علنية بعد فشل الاعتقال وسط حي سكني تمت أمام عيني طفل الشهيد، محمد 12 عاما ثم اختطافه مع والدته.

بين فردان وخانيونس اثنان وخمسون عاما من القتل المتواصل، لكن ما لم يتغير هو أن الاحتلال لا يزال يستمد قوته من الأساليب الجبانة التي تكشف عن هشاشة المبدأ الأخلاقي.

لكن ما لم يدركه هذا الاحتلال بعد، أن الرصاصة لا تغتال الفكرة. ومن بين دماء القادة، تنبت أجيال لا تعرف التراجع.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة