• لبنان
  • الجمعة, أيار 16, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 2:14:47 م
inner-page-banner
مقالات

من "تسالا جيس" إلى نساء غزة.. وازدواجية المعايير

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

انتفضت دولة الاحتلال بتاريخ 14 مايو 2025 على نفوق المستوطنة الحامل بشهرها التاسع خلال عملية نفذها فلسطيني من قرية برقين، ليخرج رئيس الصهيونية الدينية وزير المالية "بتسلئيل سموتريتش" بتصريح شوفيني تحريضي مقزز يقول فيه "كما دمرنا رفح وخان يونس وغزة، يجب علينا أن ندمر أوكار الإرهاب في يهودا والسامرة، بروقين وكفر الديك، يجب أن تبدو مثل الشجاعية وتل السلطان". بينما كانت طائرات دولته الجبانة تدك بأحزمة نارية منازل الفلسطينيين في غزة، دون تمييز بين امرأة حامل من غيرها، بين طفل أو شيخ.

وهذه الإبادة ليست بالجديدة، فمنذ بداية الحرب وجيش الاحتلال لا يستثني بقصفه أحد. فكم من النساء الحوامل ارتقين شهيدات تحت أنقاض المنازل أو محترقات تحت خيم بلاستيكية، أو في مراكز التوليد؟ بدليل ما وثقته منظمة الصحة العالمية "أن الاستهداف للمنشآت الصحية ومراكز التوليد، أدى إلى كارثة إنسانية للنساء الحوامل مع حالات إجهاض وتشوهات ولادية بفعل الأسلحة المحرمة دوليا". وقد تطرقت لهذا الموضوع مفصلا في مقال سابق.

ورغم ذلك لم نسمع بأن واحد من قادة الاحتلال جاء لينعت جيشه بالحيوانات البشرية، تلك التي وُصف بها الفلسطيني منفذ عملية برقين. بل لقد حرض أكثر من واحد على تدمير القرى والمدن الفلسطينية بحجة أنها تحوي أوكارا "للإرهابيين". فوزير الدفاع "يسرائيل كاتس" يعرب عن تعاطفه مع حزن العائلة على "مقتل "المرحومة" تسالا على يد حيوانات بشرية متعطشة للدماء" ويقول "سنواصل محاربة الإرهاب بكل قوة في كافة أنحاء يهودا والسامرة".

أما "غانتس" فيقول "الوحوش البشرية فقط هي القادرة على إطلاق النار على امرأة حامل في مرحلة متقدمة من الحمل".

هذه التصريحات وغيرها، إنما تعكس استعمارية قائمة على محو الآخر بالكامل، حيث أن أصحابها وأقصد التصريحات، يفتخرون بما فعله الجيش من تدمير لغزة والذي شمل الأطفال والنساء الحوامل وغيرهن في المستشفيات والخيم ومدارس وكالة الغوث والتحريض على تكراره في قرى ومدن الضفة الغربية.

فكيف يُغضّ الطرف عن مئات الطائرات التي مسحت مدينة كاملة بقنابل ارتجاجية، وتسببت بارتقاء عائلات كاملة لم يعد لها اسما في السجل المدني، تحت ذريعة " التجمع الإرهابي" وينتفض اليوم لمقتل مستوطنة واحدة؟ إن هذا إنما يعكس ازدواجية وهي ليست بالجديدة على دولة قامت على أنقاض شعب آخر.

دولة منذ 1948 وهي تبني سردية الضحية المطلقة التي تُمنح "الحق" في القتل الجماعي دفاعا عن النفس، بينما يُجرّد الفلسطيني من إنسانيته لمجرد رفضه للظلم والقمع وسرقة كل ما يمتلك من أرض وكرامة، فيوصف بالإرهابي بينما الإرهابي الحقيقي من عصابات جيش الاحتلال يوصف بالبطل؟.

فهل الدم الفلسطيني رخيص عند العالم إلى درجة أن آلاف الأجنة المشوهة والميتة بسبب القصف في غزة لا يحدثوا ضجة مثلما أحدثه جنين المستوطنة "تسالا"؟؟

لكن التباكي على "تسالا جيس" وجنينها، بينما ترتقي آلاف الأمهات في غزة مع أجنتهن إنما يعبر عن حضارة مشوهة ومفصومة، تكيل بمكيالين وتعيد إنتاج خطاب استعلائي لا يرى بالفلسطيني إلا أنه "حيوان بشري".

وكل هذا الإجرام ما كان ليحدث لولا الغطاء الدولي، والتواطؤ العربي المذل، وصمت الأنظمة التي ارتضت أن تكون شهود زور على مذابح القرن. فلو كان في عروقهم دم، لما تُركت غزة تذبح وحدها، ولما بُعثرت كرامة الأمة تحت أقدام المحتل. إن تواطؤهم أخطر من صواريخ العدو، وخيانتهم أقسى من نيرانه.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة