عبد معروف ـ بوابة صيدا
تميزت صيدا، بأنها كانت ومازالت المدينة اللبنانية الأكثر انفتاحا على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، ولم تدخل في ميادين الصراعات والحروب العبثية ووقفت إلى جانب القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية وخاضت ميادين القتال ضد العدو الاسرائيلي.
ولم يقتصر وقوف الصيداويون إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين من خلال التأييد والتضامن مع قضيتهم، بل أيضا شاركت صيدا في النصف الثاني من القرن الماضي في المعارك ضد الاحتلال الاسرائيلي وكانت إلى جانب الفصائل الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية بالدفاع عن عروبة لبنان والثورة الفلسطينية.
وشكلت مدينة صيدا عبر تاريخها ميدانا فاعلا للنضال الوطني والقومي والطبقي، ومثلما قاتل الشهيد معروف سعد في معارك المواجهة مع الاحتلال الصهيوني في فلسطين عام 1948، استشهد القائد في ساحات المواجهة مع النظام الفئوي والطبقات الحاكمة في حينه دفاعا عن الفقراء من أبناء صيدا وشكلت المدينة حلقة من حلقات الصراع مع النظام السائد دفاعا عن حقوق الفقراء ورفضا للامتيازات الطائفية والطبقية.
وشكلت قيادات صيدا ظاهرة بارزة في ميادين النضال الوطني والقومي والاقتصادي والطبقي في لبنان والوطن العربي، وكانت المدينة مساحة للتفاعل الفكري والاقتصادي نصرة لجنوب لبنان، وللعروبة ولفلسطين والفقراء من أبناء الشعب.
وسكان صيدا عبر التاريخ هم مزارعون محترفون، زرعوا الأراضي داخل المدينة ومحيطها، بل عملت فعاليات اقتصادية صيداوية لزراعة الحمضيات والفواكه المختلفة في جنوب لبنان بين عدلون والناقورة مرورا بأبو الأسود والقاسمية والبرغلية.
وكانت قطاعات واسعة من سكان صيدا تعمل أيضا في التجارة، وامتدت تجارتهم إلى الداخل اللبناني وشكلت المدينة سوقا تجاريا نشطا للمناطق المجاورة للمدينة ولأهل الجنوب ولمنطقة جزين وإقليم الخروب وإقليم التفاح، والمخيمات الفلسطينية.
كما امتدت تجارتهم عبر التاريخ إلى شمال أفريقيا ودول الخليج العربي وأوروبا وشكل مرفأ صيدا بوابة لبنان إلى العالم.
ماذا يعني ذلك؟
إنه يعني أن سكان مدينة صيدا هم من الطبقات التي تحب الحياة وترفض الفتنة وليس لها مصلحة بالصراعات الداخلية لأنها طبقات ترى من مصلحتها السلام والوفاق مع أبناء جلدتهم مهما كانت طوائفهم وانتماءاتهم، فقد انخرطوا وعاشت بينهم فئات من الشعب اللبناني بانتماءاتهم المختلفة، وعندما كان الصراع مع الاحتلال الصهيوني وعملائه، كان أهالي وقيادات صيدا في مقدمة الصفوف المقاتلة وسقط الشهداء، وعندما كانت الطبقة الحاكمة في لبنان تعبث فسادا بأمن الوطن ولقمة عيش الفقراء، كان أهالي صيدا وقياداتهم في مقدمة المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات طلبا للعدل والمساواة.
لم تتمكن كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي استهدفت مدينة صيدا منذ عقود طويلة من الزمن، وبقيت صيدا صامدة صابرة رغم كل ما تعرضت له من محاولة اختراقها وتعميم الفوضى وتغيير معالمها وضرب الحياة فيها .
وحاولت الطبقة الحاكمة في لبنان قبل الحرب الأهلية من ضرب الروح الوطنية والقومية في صيدا، وتصفية النضال الطبقي بين الطلاب والعمال وصيادي الأسماك، لأن صيدا كانت تشكل منبرا ومنطلقا لهذا النضال، فكانت الشرارة من مدينة صيدا باغتيال الشهيد معروف سعد واطلاق النار على المسيرات الطلابية وصيادي الأسمال قبل منتصف سبعينيات القرن الماضي.
وكانت صيدا قاعدة للعمل الثوري الفلسطيني واللبناني في النصف الثاني من الستينات.
تعرضت صيدا خلال الحرب الأهلية لفوضى السلاح الفلسطيني والوطني اللبناني، وسيطر على الشارع الصيداوي العمل الوطني الارتجالي غير المنظم، وكانت له نتائج كارثية ومعارك داخلية بين الفصائل والحركات اللبنانية والفلسطينية.
وخلال الاجتياح الصهيوني للبنان، قاتلت صيدا ببطولة في مواجهة الاحتلال قبل سيطرة الجيش الاسرائيلي وعملائه على المدينة.
شاركت صيدا بمقاومة الاحتلال في إطار جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، لكن ورغم المواقف والمشاركة الوطنية لأهالي وقيادات صيدا، إلا أن المدينة استمرت في مواجهة التهديدات ومحاولات تشويه نضالها وحرف مسار حياتها.
وشهدت المدينة خلال السنوات الماضية حالة من الفوضى المسلحة وانتشار المخدرات وأهملت المدينة وتعرضت لحصار معلن وغير معلن بهدف:
= أولا ضرب تاريخ المدينة ودورها العربي والوطني
= ثانيا ضرب موقعها الاقتصادي
= ثالثا ضرب روح التعايش والوفاق بين أبناء المدينة ومع سكان المناطق المجاورة.
وإن تراجع دور صيدا التاريخي، وانتشرت فيها المخدرات والمافيات وتجار المولدات والنفايات وفوضى الموتوسيكلات، لكن صيدا تبقى عاصمة للوطنية والعروبة وللفقراء، تبقى صيدا مدينة الحياة الجميلة والتعايش الهادئ، مدينة الجمال، مدينة المعالم التاريخية والمدينة التي قدمت خيرة قادتها شهداء في سبيل الوطن والعدالة والنهضة والاعمار وقضايا العرب والفقراء.
التحية للعيون السياسية والأمنية والاقتصادية في مدينة صيدا من رحل منهم ومن مازال في الميدان
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..