• لبنان
  • الخميس, كانون الأول 12, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 11:29:21 م
inner-page-banner
مقالات

عقود من الاستيطان في فلسطين (١)

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

بدأت القصة في عام ١٨٨١ عندما أقدمت فئة من العدميين على اغتيال الكسندر الثاني قيصر روسيا. كان من ضمنهم يهود.

ويذكر بأن منفذ عملية الاغتيال منظمة أطلق عليها "نارودنايا فوليا"، وهي حركة حرب عصابات عدوانية مناهضة لليسارية.

وقد استخدمت تلك الحركة تكتيكات "إرهابية"، بما في ذلك الاغتيالات.

وكان من ضمن أعضاء الحركة شخص يدعى "ليتسحاق بن تسفي".

وبعد خيبة الأمل من ثورة ١٩٠٥ الفاشلة في روسيا هاجر "بن تسفي" مع مجموعة من اليهود إلى فلسطين التي كانت لا تزال تحت الحكم العثماني. وكان الهدف من وراء هذه الهجرة إعادة تأسيس الدولة اليهودية.

حيث وصلوا إلى فلسطين يحملون معهم فكرة "عودة شعب اسرائيل إلى أرض إسرائيل" لا يمكن تحقيقها إلا بالقوة.

وفي غرفة تطل على بستان برتقال في يافا بتاريخ ٢٩/سبتمبر/١٩٠٧ شكل "بن تسفي" مع ثمانية من الصهاينة أول قوة قتالية يهودية، أطلقوا عليها اسم "بار جيورا". وكان شعارها "بالدم والنار سقطت يهودا، بالدم والنار ستنهض يهودا".

وفي عام ١٩٠٩ أعيد تشكيل "بار جيورا" إلى "هاشومير" وهي المستوطنة الكبرى و الأكثر عدوانية بين المستوطنات.

وقد تطورت "هاشومير" في عام ١٩٢٠ إلى "الهاجاناه" الذراع الدفاعية شبه العسكرية للييشوف وهو الهستدروت الذي يمثل اتحاد العمال الاشتراكي لليهود في فلسطين.

وبعد بضعة سنوات تأسست الوكالة اليهودية حيث كانت مع الهستدروت برئاسة "دافيد بن غوريون".

وعودا إلى قصة اغتيال القيصر الروسي حيث قامت موجة من الاضطهادات ضد اليهود نتج عنها هجرة عدد كبير منهم إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وعدد أقل إلى فلسطين.

ونشأت في روسيا جمعيات أطلق عليها "حب فلسطين" وفيما بعد "أحباء صهيون" دعت إلى الهجرة نحو فلسطين. حيث استمرت هذه الجمعيات في توجهها العقائدي للاستيطان في فلسطين معتمدة على مبدأ العمل من أجل العودة إلى أرض الميعاد منذ عام ١٨٨٠ أي قبل اعتناق هيرتزل الفكر الصهيوني بسنوات.

وهنا كانت السلطات العثمانية قد تنبهت لخطر نلك الجمعيات وأهدافها، فقامت بفرص حظر على الاستيطان اليهودي في فلسطين.

إلا أن تلك الجمعيات لجأت إلى الطرق الملتوية مثل الرشاوى وكانت بداية إقامة المستوطنات الأولى على أرض فلسطين مثل "ريشون لتسيون" و "روش بناه" و"زخرون يعقف" وغيرها من المستوطنات. وبدأت عملية توسيع رقعة ما يعرف بالاستيطان القروي، رافقها تنظيم الهجرات اليهودية التي كان معظمها في ذلك الوقت من روسيا ورومانيا.

وكان من إفرازات ذلك المؤتمر الصهيوني عام ١٨٩٧ بزعامة "ثيودور هيرتزل" حيث وضع "برنامج بال" تبعه إقامة "المنظمة الصهيونية العالمية" والتي كان من أبرز اهدافها إقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين.

وكان لا بد من اتباع خطوات لتحقيق هذا الهدف من ضمنها موضوع دراستنا وهو تشجيع استيطان العمال الزراعيين والصناعيين في فلسطين.

وقد تنبه الشعب الفلسطيني وخاصة المثقفون للخطر الصهيوني وأهدافه بالاستيلاء على أرض فلسطين، إلا أن الهجرة ظلت مستمرة بل وازدادت.

وبالرغم من قانون الحظر الذي فرضته السلطات العثمانية إلا أن هناك من كان يقفز من فوقه لتمرير الهجرات اليهودية ومنهم كبار الموظفين الأتراك.

وبعد نجاح جمعية تركيا الفتاة والتي كان من بين أعضاءها عدد من اليهود، بقيادة "كمال اتاتورك" بالتمرد وإزاحة السلطان عبد الحميد الثاني عام ١٩٠٨، تمكنت الحركة الصهيونية من متابعة الهجرة إلى فلسطين، فارتفع عددهم أضعاف ما كان عليه قبل ذلك.

وبعد ذلك جاءت الحرب العالمية الأولى لتشكل حجر عثرة. حيث انخفض عدد اليهود في فلسطين بسبب الاعداد التي غادرت لأسباب اقتصادية. لكن سرعان ما تخطتها بوعد من لا يملك إلى من لا يستحق.

ففي عام ١٩١٧ انتزعت الحركة الصهيونية من الحكومة البريطانية ما سمي ب "وعد بلفور" الذي وعد اليهود بإنشاء وطن قومي لهم على أرض فلسطين. واعتبرته الحركة اعترافا بشرعية قدوم اليهود إلى فلسطين. فكان صفعة قوية للعرب، وخاصة أولئك الذين وضعوا ثقتهم ببريطانيا. فذهب حلم تحقيق مملكة العرب مع الرياح بعد أن كانت فلسطين قد وضعت على مذبح الرهانات الخاسرة.

فلا فلسطين ظلت ولا المملكة الموحدة أقيمت.  

للراغبين بقراءة الجزء  الثاني

عقود من الاستيطان (٢)

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة