• لبنان
  • الاثنين, كانون الأول 02, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 9:55:54 م
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ مجرد شعارات

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا 

"يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تتداعى الأكَلَة على قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال عليه الصلاة والسلام: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت. صدق رسول الله الكريم.

ومنطق القصعة التي ذكرها رسولنا الكريم في الحديث الشريف ظهر منذ قرون. فهو ليس منطق اليوم فقط. وغزة ليست الأولى في هذا المنطق.

فهل ننسى الأندلس والقشتاليون ومحاكم التفتيش الكاثوليكية وطرق تعذيب المسلمين؟ هل ننسى طريقة "ناي المشاغبين" الوحشية والحلقات شديدة الحرارة التي تحرق رقبة المسلم وأصابعه حتى عظامه، ثم الموت.

وطريقة "الثور الحديدي" وشيّ المسلم بالنار حتى الموت؟ وهل ننسى طريقة "الحوض" والعذاب بالحشرات التي تتغذى بما يطلى به وجه المسلم بالعسل كغذاء لتلك الحشرات التي تقتله حتى الموت؟ إلى طريقة "كاسر الأصابع" وغيرها الكثير من طرق التعذيب. هل نستطيع أن ننسى هذا؟.

ومن يستطيع نسيان النكبة الفلسطينية وما رافقها من تدمير للقرى وطرد واغتصاب وارتكاب مجازر وتمثيل بالجثث وبقر  بطون الحوامل وحز رأس الجنين؟

وكيف لنا أن ننسى مذابح البوسنة على يد الصرب الأرثوذكس في تسعينيات القرن الماضي؟ كيف ننسى معسكرات الاغتصاب الجماعي ورسم الصليب الأرثوذكسي على وجه المسلم وهو حي ثم قتله بدم بارد؟

وما فعلوه قبل ذلك وتحديدا في الأربعينيات في مدينة فوجا التي تقع شرق البوسنة وكانت إحدى نقاط الشعلة التعليمية والثقافية للمسلمين حين أحرق الصرب قرى كاملة بسكانها وامتلأ نهر ميلغينا بجثث الرجال والنساء والأطفال.

هل ننسى؟.

فكيف لكل ذلك أن يحدث لو لم تولّ شعوب الإسلام وجهها شطر الدنيا ونسيان الموت؟

غابت الأندلس بعد تنازل أمرائها عنها بعد أن أغرتهم الدنيا فتمسكوا بها.

وغابت النكبة ومجازرها وفلسطين ومقدساتها ونسوا او تناسوا أنها أرض المعركة الاخيرة الفاصلة بين الحق والباطل.

واليوم نسوا غزة ودماء أطفالها ما تزال تتقاطر فيها والأعداء من كل حدب وصوب بشربون منها حتى الثمالة ولا يكتفوا.

ونحن أين نحن وقد بتنا ظلالا لحكامنا وسفهائنا المصنعون على أعين الصهاينة وصليبيي الغرب.

صمتنا، غير أن صمتنا لا يعني رضانا بل هو ضعفنا أمام الدنيا ومغرياتها. اعتدنا المجازر التي تحدث هناك غير بعيدة عنا أكثر من عشرات الكيلومترات. تغافلنا عن السلاح وتمسكنا بالخطابات الرنانة العاجزة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

نشاهد ما ترتعد له الأجساد، نذرف الدموع ثم ننشغل بالدنيا وملذاتها وكيف نحمي ما نمتلك من عملات فيما لو اندلعت حرب إقليمية او حتى عالمية. وتلاعبت بنا أسواق البورصة، نرقب ارتفاع مؤشراتها وانخفاضها ونحن نلتقط أنفاسنا بين هذا وذاك. أشغلنا سعر الذهب وبات شغلنا البحث عن عملات آمنة، ونسينا غزة، بل نسينا أن الحرب انتقلت إلى الضفة الغربية وباتت غزة مصغرة.

انشغلنا بالذهب والدولار وأغمضنا أعيننا عن خنازير المستوطنين وهم يقتحمون مقدساتنا تحت شعار" "هيكلنا" وليس لهم أقصى هنا".

كتبنا الشعارات وعبرنا عن حزننا وألمنا وصرخنا بوجه حكامنا صرخة صامتة أن يقفوا ولو مرة وقفة نخوة ورجولة بفتح الحدود وإعلان الجهاد المقدس ثم مع أول عملية قمع عدنا إلى قواعدنا تحت مكيفاتنا آمنين، ودواخلنا العاجزة تردد: فعلنا ما علينا لكن ما باليد حيلة فنحن شعب المقموعين.

نعم نحن المذلولين المقموعين المهدورة كرامتهم، المكتوفي الأيدي الضعيفي الإرادة.

فإلى متى وأهلنا يذبحون؟ وإلى متى ومساجدنا تهدم؟ وإلى متى ونحن في غفلتنا تائهون؟ 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة