بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
لطالما كانت غزة ولا زالت النفق الذي يحتضن كوّة الضوء التي لن تُسد يوماً.
فعلى أرضها قامت أول حكومة عمومية فلسطينية بعد النكبة في ٤٨. ومنها انطلقت أول عمليات فدائية. ومنها اندحر الاحتلال عام ١٩٥٧.
وعلى أرضها انطلقت شرارة الانتفاضتين الفلسطينيتين. ومنها انسحب "آرئيل شارون" وجيشه بعد فك الارتباط معها عام ٢٠٠٥.
فمن غزة بدأ التحرير وفيها ذاق الجيش ودولته وقيادته الذل والمهانة. وفيها حاول ذات الجيش استرجاع كرامته وهيبته وردعه عام ٢٠٠٨ عندما صب وحشيته على القطاع وارتكب المجازر في معركة أطلق عليها "الرصاص المصبوب".
غير أنه خرج بعدها مهزوما يجر أذيال الخيبة وانكسرت شوكته بعد أن انتصر فرقان المقاومة على رصاصهم المصبوب.
كما انكسرت قوته وقوة ردعه التي استخدمها منذ قيام دولته الظالمة في تعامله مع العرب.
فالصهيوني الذي كان يحق له بسبب تلك القوة أن يفرض شروطه دائما في أية مفاوضات حتى قبل الدخول فيها. اليوم لم يعد يحق له ذلك بعد انكسار تلك القوة في غزة التي أصبحت الرعب لدولة الاحتلال.
وهنا بات من غير المناسب بالنسبة للعدو أن تكون غزة مصدر المقاومة وخاصة أن تكون مقاومة إسلامية، تدعو إلى الجهاد وتحرير الأرض وعدم الاعتراف بما تسمى ب "إسرائيل". ورفض التفاوض المذل بشروط العدو الصهيوني.
لذلك وضعت غزة تحت ميكروسكوبات ذات عدسات مكبرة وتركزت أنظار العدو عليها وعلى مقاومتها. فلجأت فيها إلى حروب الإبادة وتضييق سبل العيش على أهلها وتهجيرهم من مكان إلى آخر، كما يحصل اليوم بعد عملية طوفان الأقصى المبارك من أجل تأليبهم على المقاومة وعلى حركة حماس وجناحها العسكري.
فلم يبقى سلاح في مخازن دولة الاحتلال والبنتاغون وبقية الدول الداعمة إلا وقام جيش الاحتلال ومرتزقة العالم بتجريبه على القطاع المنكوب المحاصر بعد السابع من أكتوبر.
لكن دولة الاحتلال لم تنجح فيما سعت إليه، بل لقد زاد تمسك أهل غزة بمقاومتهم ودعمهم لها فكانوا وراء صمودها طيلة الشهور العشرة الماضية، برغم فقدهم وألمهم وجوعهم ونزوحهم عشرات المرات.
فما كان من دولة الظلم إلا أن لجأت لما هو ديدنها القذر وديدن عصاباتها الدموية الإرهابية. لجأت إلى عملية الاغتيالات للسياسيين القادة والعسكريين، فكان اغتيال الشهيد اسماعيل هنية رحمات الله عليه ظنا منهم أنهم بذلك يقضون على المقاومة ويكسرون شوكتها، فلم يزدها إلا ثباتا وقوة وخاصة بعد اختيار القائد الاسد يحيى السنوار خليفة للشهيد اسماعيل هنية.
السنوار الذي أدخل الرعب في قلوب قادة الكيان ويهود شتاته منذ عقود ولا زال. فبدأ عهد جديد أشد صلابة، وكما ذكرت في مقالات سابقة أن المقاومة لا تنكسر باستشهاد قائد إنما تزداد شراسة بعد كل ضربة يظنها العدو قاضية وقاصمة.
فباختيار القائد السنوار خلفا للشهيد القائد هنية انتقلت المقاومة من شخصية سياسية معتدلة كما وصفها من تعاملوا معه إلى شخصية عسكرية وميدانية والمدرج لدى دولة الاحتلال على قائمة الاغتيال. هذه الشخصية التي وصفت بالشبحية هي اليوم من تقود المفاوضات وتتحكم بها وكما فعل الشهيد هنية الذي لم يتهاون رحمه الله بالحق الفلسطيني فأدار المفاوضات ولم يسلم لشروط العدو.
فانتهى العصر الذي كان التحكم من طرف هذا العدو بالمفاوضات.
فكيف اليوم بذلك الأسد الشبح الذي بدأ بورقة أسرى العدو لدى المقاومة؟
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..