• لبنان
  • الخميس, كانون الأول 26, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 1:40:54 م
inner-page-banner
مقالات

عدّاء المسافات... البروفيسور "عدنان البرش"

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

من المؤكد بأنه لم يهرع لاستقبال سيارة الإسعاف كما هي عادته وقت السلم. لا لأن التعب اكل منه جراء الوقوف لإخاطة جرح أو تجبير عظم، إنما السبب كان غير ذلك، فالمستشفى يغصّ بالمصابين والجرحى. فالحالة حالة عدوان ،وأيّ عدوان! إنه الأشرس ،عدوان الانتقام والتشفي والتعويض عن الخسارات ،عدوان الجبن والتعطش إلى دماء الشهداء.

يمسك المبضع بيد، وباليد الأخرى يحاول إيقاف الزمن لمصاب يحتضر، وآخر يئن. يحاول الفوز على دقائقه بل على ثوانيه. إنه الماراثون الأصعب حيث النهاية تختلف عن النهايات الأخرى. إنها نهاية الموت والحياة، لا نهاية الفوز أو الخسارة بفارق طول الخطوات وتسارعها. فكيف والجريح ليس واحدا، كيف وهم في كل دقيقة يدخل بها المسعفون يحملون العشرات على نقالاتهم ،يفرغونها على الأرضيات الباردة لأن الأسرّة ازدحمت بآخرين.

فماذا ستفعل يد الطبيب حينها ،بل ما الذي سيفعله عندما يوضع في ذلك الاختبار الصعب، فيعجز القلب أمام العقل الذي سيختار الحالة المأمول شفاؤها أكثر من تلك التي بدأت الروح تنسل منها؟

إقرأ لنفس الكاتبة

* الحرب على غزة ـ الحمار الحرون

* إعلام مضلل

لقد مرّ الطبيب عدنان البرش بكل تلك المشاعر وأكثر. عدنان البرش رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء من الذين تم إجبارهم على مغادرته. وهو نفسه الطبيب الذي بكى أثناء مكالمة له مع قناة الجزيرة بسبب ذلك الإجبار على ترك المستشفى وفيها المرضى والجرحى فقال"أدينا الرسالة وأجرنا على الله". وهو نفسه أيضا الذي ظل مصرا على استكمال عمله كطبيب وتوجه للعمل في مستشفى الأندونيسي وبعد دخول جنود الاحتلال حيث أجبروهم على الإخلاء ،توجه إلى مستشفى العودة في بيت لاهيا وهنا تم اعتقاله من قبل عصابات الإرهاب المحتلة نهاية ٢٠٢٣ حيث تعرض لتعذيب ممنهج ومقصود. فعلى لسان زميله الطبيب خالد حمودة والذي كان قد التقى بالبرش في أحد المعتقلات في منطقة النقب وأدلى بشهادته قائلا "وصل عدنان البرش وكانت تتضح عليه آثار التعذيب الشديد في جميع أنحاء جسده، وعومل بطريقة مهينة خلال نقله إلى مكان آخر. كما كان يعاني من آلام شديدة جراء التعذيب والضرب المبرح الذي تعرض له وساعات التحقيق الطويلة".

كما جاءت نفس الشهادة على لسان معتقلين آخرين كانوا قد التقوا به ،وقالوا أنه لم يبقى من الأطباء المعتقلين إلا عدنان البرش.

وقد توفي رحمات الله عليه في سجن عوفر بعد أكثر من ٤ اشهر من اعتقاله، بحسب "هيئة سجون الأسرى" و "نادي الأسير الفلسطيني".

وتعتبر عملية اغتيال الطبيب عدنان البرش وغيره ممن تم اعتقالهم أحياء على يد جنود الاحتلال ممارسة عادية ضمن سجل طويل من الممارسات الصهيونية. وتاريخ هذه الدولة حافل بمئات القضايا المماثلة، فهذه الممارسات لم تبدأ باغتيال الطبيب البرش ولم تنته بتنفيذ مئات المجازر التي وصلت حد الإبادة بحق أهلنا في قطاع غزة من شماله حتى وسطه فجنوبه.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة