• لبنان
  • الخميس, كانون الأول 26, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 3:17:16 م
inner-page-banner
مقالات

“أرشيف هآرتس مليء بجرائمهم”.. أتذكرون ما فعله أفراد “نيتساح يهودا” بالعجوز أسعد؟

ليلة من ليالي كانون الثاني الباردة. الساعة: دقائق بعد الثالثة. عبد المجيد أسعد كان في طريقه إلى بيته في سيارته. منذ عودته قبل 11 سنة من منفى طويل في الولايات المتحدة بسبب الشيخوخة، أكثر من قضاء الوقت مع أصدقاء طفولته في القرية، يشربون القهوة ويلعبون الورق ويتحدثون حتى وقت متأخر في الليل. كل مساء عند واحد. هكذا أيضاً كان الأمر في مساء 12 كانون الثاني 2022.

جلجليّا في محافظة رام الله، هي قرية فيلّات، معظم سكانها يعيشون في الولايات المتحدة. في الساعة الثالثة فجراً كان الشارع خالياً ومظلماً. فجأة، لاحظ أسعد بعض الجنود يقفون قرب بقالة عليّ. قفزوا في وسط الشارع وأوقفوه. العجوز ابن الثمانين ذعر حتى الموت. أراد الوصول إلى بيته بسلام. أمره الجنود بالنزول من السيارة. حاول أن يرفض ولكن أحدهم أنزله بالقوة. وكبله الجنود الآخرون فوثقوا يديه وراء ظهره بأصفاد سوداء، التي وجدت بعد ذلك.

وضع الجنود قطعة قماش على فمه، وعصبوا عينيه وجروه بالقوة إلى موقع بناء “فيلّا” تم استكمال بنائها للتو. سقط حذاؤه وسار حافياً بقدم واحدة. كان وزن أسعد ثقيلاً ويعاني من تنفس ثقيل. قريته غنية وهادئة. وصل إليها الجنود من أجل التنكيل بالسكان لا غير. وقرروا اعتقال أي شخص يسير في الليل، من الشخص الذي يأخذ الخبز إلى القرية وحتى بائع الخضراوات، وأسعد أيضاً. لقد فتشوه، ربما أن هذا الأمريكي ابن الثمانين يحمل على جسده متفجرات، وتركوه ببلوزة خفيفة في ليلة باردة.

عندما وصلوا إلى ساحة موقع البناء، حيث احضروا قبل ذلك عدداً من المعتقلين، رماه الجنود أرضاً، وسقط مكبلاً على بطنه. رموه في الزاوية اليسرى في الساحة قرب أكياس رمل كانت هناك، كما يرمون كيساً من الرمل. “لماذا لم يجلبوا له كرسياً على الأقل؟”، تساءل في اليوم التالي شقيقه عامر وهو يبكي، الذي جاء لزيارته من قرية راسين في ويسكنسن بعد 11 سنة. أصبحت ساحة الفيلّا منشأة اعتقال للمعتقلين في رحلة صيد ليلية دبرها الجنود: خمسة من الأبرياء، أحدهم بائع الخضراوات ممدوح عبد الرحمن، الذي قال لنا إنه عندما نام في الساحة ووقف الجنود فوق رأسه مصوبين البنادق، شعر بأن جسده ارتطم بشيء ثابت، ولكن لم يخطر بباله أن هذا الشيء هو شخص ميت.

توفي أسعد بسبب الخوف والبرد. في الساعة الرابعة فجراً، عندما عرف الجنود أنه مات، فكوا قيوده لطمس الأدلة وتركوا المكان. ضحيتهم كان يمكن أن تكون جدهم. لو أن فلسطينياً فعل ذلك بجد أحد الجنود، لاهتزت إسرائيل: حيوانات، كيف ينكلون بكبار السن؟

أحداث تلك الليلة كما رويت لنا عندما وصلنا القرية، لن أنساها. منظر العجوز الذي رمي على الأرض وهو مكبل ومغلق الفم لا تغيب من بالي. بسرعة، تبين أن الجنود كانوا مرة أخرى، نعم مرة أخرى، هم جنود الكتيبة ذات الاسم المخيف “نيتساح يهودا”.

أرشيف “هآرتس” مليء بوصف جرائمهم. ولسوء حظهم أن الضحية في هذه المرة كان شخصاً يحمل الجنسية الأمريكية. بعد سنتين لم يتم فيها تقديم أي جندي للمحاكمة على موت العجوز، قرر الأمريكيون التوقف عن صمتهم عندما يقوم جنود الجيش الإسرائيلي بقتل مواطنيهم.

بني غانتس خاف، واتصل بسرعة مع وزير الخارجية الأمريكي، وقال له كيف يفعلون ذلك بالجنود الأبطال في الجيش الأخلاقي، وحتى من الكتيبة التي تحمل اسم الخلود. من أجل ذلك نحتفظ بغانتس. إسرائيل أهينت ودهشت. قد يفرض الأمريكيون عقوبات على مزيد من الوحدات في الجيش. وربما يكتشفون أن كل جندي يخدم في “المناطق” [الضفة الغربية] يقوم بالتنكيل في النهار وفي الليل. يا ليت!

(جدعون ليفي / هآرتس 25/4/2024 ـ نقلاً عن القدس العربي)

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة