مقالات

بوابة صيدا

العنوان الذي نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" والذي قال إن "حماس تشير إلى انفتاح على نزع السلاح"، أثار جدلاً كبيراً، لأنه يعتمد على تفسير بعض الإشارات غير المباشرة.

هذا العنوان حساس للغاية، خاصة وأنه يتعارض مع المواقف الرسمية التي تعلنها الحركة بشكل واضح.

دعني أوضح خلفية هذا العنوان وما يحويه من تحليل:

أولاً، سبب الجدل والتناقض مع الموقف الرسمي. العنوان صدم الكثيرين في إسرائيل لأنه يتناقض تماماً مع الموقف الرسمي لحركة حماس. فالحركة نفسها، بالإضافة إلى الفصائل الفلسطينية التي تدعمها، أكدت مراراً رفضها التام لأي محاولة لنزع سلاحها أو قبول وجود إدارة خارجية لقطاع غزة. المقاومة عندهم ليست مجرد خيار، بل هي حق لا يمكن التنازل عنه وخط أحمر.

ثانياً، من جهة أخرى، هناك مطالبة أمريكية إسرائيلية واضحة برفض وجود سلاح لحماس وإبعادها عن السلطة. هذا المطلب هو حجر الزاوية في "خطة ترامب" للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار ومستقبل قطاع غزة. وسبق أن هدد نائب الرئيس الأمريكي "جي دي فانس" خلال زيارته الحالية، إلى جانب الرئيس دونالد ترامب، بأن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة لنزع سلاح حماس إذا لم تلتزم الحركة بذلك.

ما الذي قد تعتمد عليه صحيفة "إسرائيل اليوم"؟ (تحليل وتفسير) 

من الممكن أن يكون التحليل في "إسرائيل اليوم" مبنيًا على أحد الاحتمالين أو كلاهما: 

أولًا، قد يكون الحديث عن "ليونة التفاوض غير المباشر" نابعًا من معلومات وصلت عبر وسطاء دوليين مثل مصر أو قطر أو تركيا. هؤلاء الوسطاء ربما نقلوا رسائل تشير إلى أن حركة حماس قد تكون مستعدة للنظر في طرق لنزع السلاح في المستقبل، لكن بشروط قاسية مثل ضمان وقف إطلاق نار دائم، أو انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، أو رفع الحصار وإعادة إعمار القطاع. 

ثانيًا، قد تفسر الصحيفة لغة حماس الأخيرة بأنها "براغماتية"، خاصة مع الضغوط الكبيرة التي تمارسها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، والتي تطالب بتغيير جذري في القطاع. هذا الأسلوب قد يُعتبر بمثابة "إشارة انفتاح"، رغم أن الهدف الحقيقي ربما يكون مجرد كسب الوقت أو تمديد فترة الهدنة بدون نية حقيقية للالتزام أو التغيير.

خيار العفو الغامض: تتضمن المرحلة الثانية من خطة ترامب فكرة "منح العفو لمن يسلم سلاحه من قادة حماس". قد يكون هذا العنوان مرتبطاً بمحاولة التفكير في آليات التزام مشروطة من جانب الحركة تجاه هذا الجزء من الخطة.

الدلالة السياسية للعنوان: عرض هذا العنوان في صحيفة إسرائيلية مثل "إسرائيل اليوم" (التي تُعرف بقربها من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) يحمل معانٍ مزدوجة:

أولاً، تأكيد نجاح الضغط الأمريكي: تسعى الصحيفة إلى إظهار أن الجهود الدبلوماسية التي قادتها إدارة ترامب بدأت تؤتي نتائجها، وأن حماس لم تعد ترفض فكرة نزع السلاح بشكل مطلق.

ثانياً، تبرير استمرار الهدنة: يساعد هذا العنوان الحكومة الإسرائيلية في تبرير استمرار الهدنة وتبادل الجثامين أمام الجناح اليميني المتشدد، بالقول إن الاستمرار في المسار الدبلوماسي قد يحقق الهدف الاستراتيجي (نزع السلاح) دون الحاجة إلى المزيد من العمليات العسكرية.

الخلاصة: يشير العنوان إلى تفسير متفائل وحذر في الأوساط المقربة من الحكومة الإسرائيلية لأي مؤشرات على ليونة محتملة من حماس بشأن مستقبل سلاحها، رغم أن الموقف الرسمي للحركة لا يزال رافضاً لهذا الطلب.