مقالات

عبد الباسط ترجمان ـ خاص بوابة صيدا

بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي جاء بضغوط مباشرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتجه الأنظار إلى تل أبيب، حيث يُطرح السؤال الأهم: هل يلتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ الاتفاق بعد إطلاق الأسرى، أم أن سيناريو إفشاله بات أقرب إلى الواقع؟

الاتفاق، الذي وُصف بأنه "هش لكنه ضروري"، جاء بعد أسابيع من التصعيد الدموي، وسط ضغوط دولية متزايدة، ونداءات إنسانية عاجلة لوقف القتال. لكن في إسرائيل، لا تُقاس القرارات فقط بالمعايير الدبلوماسية، بل أيضًا بالحسابات السياسية الداخلية، حيث يواجه نتنياهو ضغوطًا من أطراف يمينية تطالبه بعدم تقديم أي تنازلات للمقاومة الفلسطينية.

بحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن نتنياهو وافق على الاتفاق تحت ضغط مباشر من ترامب، الذي يسعى إلى تسجيل اختراق دبلوماسي في الشرق الأوسط. لكن تاريخ نتنياهو في التعامل مع اتفاقات التهدئة يُظهر نمطًا من التراجع أو الالتفاف، خاصة إذا شعر أن التهدئة تُضعف موقفه أمام جمهوره الداخلي أو تُعطي المقاومة مكاسب رمزية.

في هذا السياق، يُرجّح مراقبون أن يُربط تنفيذ الاتفاق بإطلاق الأسرى الإسرائيليين، لكن حتى بعد ذلك، قد يُفتعل سبب أمني – كإطلاق صاروخ أو عملية محدودة – لتبرير استئناف العمليات العسكرية.

الرئيس ترامب، الذي يُفضّل الحسم، قد يُمارس ضغطًا حقيقيًا لضمان تنفيذ الاتفاق، خاصة إذا اعتبره جزءًا من إرثه السياسي. لكن نتنياهو، المعروف بقدرته على المناورة، قد يُقدّم التزامًا شكليًا، ثم يُعيد التصعيد تدريجيًا، ما يُعيد غزة إلى دائرة النار دون أفق سياسي واضح.

في ظل هذه المعادلة المعقّدة، تبقى غزة رهينة التوازنات الدولية، حيث يُكتب السلام على الورق، لكن يُختبر على الأرض. وما لم تُرفق التهدئة بضمانات حقيقية، فإن الحرب قد تعود، لكن هذه المرة بلا سقف زمني، ولا أهداف واضحة، سوى استمرار المعاناة.