بقلم حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات ـ بوابة صيدا
أكثر من مليون مواطن لبناني، خارج منازلهم التي تم تدميرها او اصابتها بأضرار، اضافة الى بنية تحتية مدمرة بالكامل، قرى وبلدات غير صالحة للسكن، وهي قرى تخص كافة اللبنانيين، وليس بيئة واحدة منهم، واعادة بنائها واعمارها مسؤولية وطنية، ولكن كيف..؟؟ هذا ما يتجاهله من يؤجج نهج الانقسام والانفصال والشتيمة..!! والسبب كما يبدو للتهرب من مسؤولية ما جرى، لذلك يتم التحريض على الآخرين لاسباب مختلفة ومفتعلة، لتعزيز حالة الخوف والاحساس بعدم الامان.. لدى بيئة معينة.!!
إن سياسة التحريض والتهجم، والاستفزاز والشتم والاستهزاء، ومسار التهكم والاستعلاء، لا يمكن ان يبني وطن، او يجمع مكونات ويؤلف بين جمهور متباين في الفكر والثقافة والعقيدة..!!
إن الاستقرار والتقدم والبناء واعادة الاعمار مفردات تطبيقية، وليست عبارات ومفردات ومصطلحات للاستهلاك والتلاعب بالمشاعر..!!
الموقف السياسي، عبارة عن توجهات محددة، يفترض بها ان تخدم الوطن ومواطنيه، لا فئة منهم، ومشروع يرفع من قيمة الوطن والامة، وليس بهدف استقواء فريق على آخر..!!
إن تبني مشروع سياسي ومسار ونهج اجتماعي وثقافي واقتصادي، يرفع من منسوب التسابق بين المجموعات السياسية وبين المواطنين انفسهم على تقديم الافضل، والالتفات الى ما يحتاجه الوطن والمواطنين من حماية اولاً ومن خدمات ثانياً.. !!
اما سياسة التحريض والاحتماء خلف الفكر الطائفي والمذهبي، والتسلح بقوة الميليشيا فهذا لا يقود الا الى مزيد من الانقسام والانفصام العميق بين مكونات الوطن، ودفع الكثير من المؤمنين ببقاء وسلامة الوطن ووحدة بنيه، الى التأمل والنظر في اهمية بل بالاحرى ضرورة الاستمرار في تحمل مساويء وأخطاء وارتكابات وتجاوزات واساءات هذا الفريق، الذي يجاهر بارتكاباته ويتباهى بممارساته تحت عناوين طائفية ومذهبية..؟؟
ما نسمعه ونراه ونشاهده، من اساءات ومفردات والفاظ وتلميحات تسيء لموقع الرئاسات التنفيذية، وخاصة رئاسة الوزارء ولشخص رئيسها دولة الرئيس نواف سلام، يدفعنا للنظر بعمق في حقيقة فكر وثقافة هؤلاء.. فالحملة على الرئيس سلام، ليست معزولة عن سابقاتها، من الحملات التي تستهدف معظم الرؤوساء السابقين، وحتى انها تطال كل الرؤوساء والقيادات التي تربطنا بها علاقة وثيقة في العالم العربي والاسلامي..
هل إن ما يجري له علاقة بثقافة هؤلاء القوم، الذين بدأوا يشعرون بالفوقية..؟؟ والتصرف بعنجهية..؟؟ لماذا اذاً لا ندرس فكرهم وندقق في عمق معتقداتهم، لنفهم سبب هذه التصرفات غير المسبوقة في عالم السياسة كما في مستوى العلاقات الوطنية..؟؟
لم يسبق ان ارتكب فريق سياسي جريمة قتل بحق رئيس وزراء.. (الرئيس رفيق الحريري).. ويطلق على مجرميه لقب قديسين.. ولم نشهد فريق يرتكب جملة من الجرائم الواسعة النطاق، (7 آيار/مايو 2008).. ويعتبره يوماً مجيداً..!!
اذاً هل نحن امام تحضيرات لارتكاب مشهد جديد مماثل..!!!
إن معظم اللبنانيين الشرفاء الوطنيين والسياديين والمؤمنين بالاستقرار والحرية والعدالة وحرية الراي والتعبير والاعلام، ومن مختلف المكونات اللبنانية على اختلاف انتمائها الديني والسياسي.. تشعر بالتضامن والتكاتف، تأكيداً على رفضها واستنكارها وادانتها لما قام ويقوم به الثنائي من ممارسات استفزازية ومن مخالفة واضحة لكل ما يحفظ السلم الاهلي والنسيج الاجتماعي والوطني.. في ظرفٍ نحن احوج فيه للتضامن وعدم زرع الفتن والانقسامات في طريق مشروع اعادة بناء الوطن، خاصة مع التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة والمتراكمة ضد لبنان وشعبه..
كنا ننتظر ان نسمع اعتذاراً او تعبيراً عن الاستياء الرسمي من قبل قادة الثنائي، السياسيين والدينيين، لما صدر عن جمهورهم من عبارات مشينة والفاظ بذيئة، تنم عن مستوى الانحدار والانهيار الاخلاقي الذي وصلت اليه.. ولكن مع الاسف.. لم نسمع شيئاً..!!
يبدو كما نرى ان هذه الحملة، انما تهدف لارهاب اللبنانيين والتلويح للخارج، بأن من يملك ميليشيات مسلحة يحكم الوطن ومواطنيه، ويقرر من هو الوطني من عدمه، والفيديوهات التي يتم توزيعها بشكل منتظم ودوري ويومي على لسان واقلام بعض من يقدمون انفسهم اعلاميون انما تكشف حقيقة المستوى المتدني لهؤلاء ثقافياً وفكرياً وحتى لغوياً.. كما يبدو واضحاً ان غرفة اعلامية سوداء، تخدم المشروع السياسي لهذا الفريق مستخدمة مفردات الشتم والاستهزاء والتحريض..!!
وفي الختام نقول إن ما سمعناه على ألسنة بعض نواب هذا الثنائي المستقوي بسلاحه وليس بموقفه وفكره وعقله، من موقفٍ ينم عن قرارٍ بالتملص والتنصل من التزام قادة الثنائي بتسليم السلاح، انما يصب في خانة تشجيع اسرائيل على شن حربٍ جديدة على لبنان وشعبه ومواطنيه..
وهنا نطلب من جميع المواطنين اللبنانيين وخاصة بيئة الثنائي، بمراجعة نص اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم توقيعه في 27/11/2024، والذي وافقت عليه حكومة الرئيس ميقاتي بعد قبول الثنائي ممثلا بالرئيس نبيه بري.. او الاخ الاكبر.. كما يطلق عليه تحبباً من قبل قادة حزب الله، و على مضمون الاتفاق او ما اطلق عليه (آلية تنفيذ القرار 1701).. والذي نص صراحة وبوضوح على تسليم سلاح كافة الميليشيات وعلى كامل الاراضي اللبنانية وتفكيك البنية التحتية فوق الارض وتحت الارض...
الان يحاول الثنائي تذاكياً وتهديداً وتجاهلاً بالتهرب مما قام بالتوقيع عليه.. عبر القاء تهمة التخوين وغيرها من المواصفات غير اللائقة، بالرئيس سلام والحكومة.. وعلى سائر اللبنانيين، المؤيدين لوحدة المؤسسات ولاحتكار قررا الحرب والسلم..
كذلك من هنا نطالب فخامة الرئيس المؤتمن على تطبيق وتنفيذ مضمون خطاب القسم.. عن موقفه مما جرى ويجري من ممارسات تخالف وحدة المؤسسات الدستورية وحماية دورها واحترام مكوناتها ورموزها.. ومن تمثل من لبنانيين..؟؟
أخيرا نقول لهذا الثنائي المسلح بأن سلاحهم قد اصبح عبئاً عليهم وعلى لبنان واللبنانيين وانه قد فشل في حماية لبنان وردع العدوان الاسرائيلي، وما قاله نائب حزب الله حسن فضل الله في مقابلة له، يؤكد ان هذا السلاح قد اصبحت وجهته الداخل والهدف ترهيب اللبنانيين وتعطيل الدستور ومنع الاستقرار وليس مواجهة العدو الصهيوني والدفاع عن لبنان..