مقالات

رأي الموقع ـ خاص بوابة صيدا

في لحظة كانت فيها الأنظار تتجه نحو مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، اختارت إسرائيل أن تُرسل جنودها لاقتحام "أسطول الصمود" المحمّل بالمساعدات والنشطاء الدوليين. 

الرسالة كانت واضحة: لا خطوط حمراء، حتى لو كانت السفينة ترفع رايات إنسانية، وتُبحر تحت أعين العالم.

لكن ما لم تحسبه إسرائيل جيدًا هو أن هذا الاقتحام، وإن بدا تكتيكًا عسكريًا، يحمل تداعيات استراتيجية على صورتها الدولية، ويُعيد فتح ملفات طالما حاولت طيّها.

فالعالم لا ينسى "أسطول الحرية" عام 2010، ولا مشاهد الدماء على سطح السفينة. واليوم، تُعيد إسرائيل إنتاج المشهد ذاته، لكن في زمن مختلف، حيث الكاميرات أكثر، والرأي العام أكثر وعيًا، والمنصات أكثر جرأة.

الاقتحام يُضعف الرواية الإسرائيلية التي تُروّج لكونها "دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها"، ويُعزز خطاب المنظمات الحقوقية التي تتهمها باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين. 

كما يُحرج حلفاءها الغربيين، خاصة إذا كان بين ركاب الأسطول مواطنون أجانب أو ممثلون لمنظمات دولية.

في زمن تُصاغ فيه التسويات على الورق، وتُبنى فيها التحالفات على الصورة، يبدو أن إسرائيل اختارت أن تُواجه العالم بقبضة عسكرية، لا بذكاء سياسي. 

وهذا الخيار، مهما بدا حاسمًا ميدانيًا، قد يُكلّفها كثيرًا في المحافل الدولية، وفي ميزان الرأي العام العالمي.

فهل كانت تستحق سفينة صغيرة هذا الثمن الكبير؟ أم أن إسرائيل، مرة أخرى، تُثبت أنها تُجيد كسب المعارك... وتخسر السرديات؟