كتبه أ.د/علي بن محمد عودة الغامدي
كان ملك مغول فارس غازان قد اعتنق الإسلام سنة 694 هجرية قبيل وصوله إلى العرش في السنة التالية، ولكنه ظل يضمر الحقد لدولة المماليك ويعتبر نفسه أحق من المماليك بامتلاك الشام ومصر.
وفي سنة 699 هجرية قام غازان بحملة كبيرة لاحتلال الشام وانضم إليه الأرمن والكرج النصارى (مملكة الكرج في ذلك الحين هي جورجيا الحالية في جنوب روسيا، وكانت متعصبة ضد المسلمين مثل الغرب الصليبي) وبلغ جيشه مئة الف وانزل الهزيمة بسلطان المماليك محمد بن قلاوون في معركة الخزندار واحتل دمشق.
وبذل ملك الكرج لغازان أموالاً جزيله على أن يُمكِّنهُ من الفتك بالمسلمين من أهل دمشق، وبدا وكأن غازان سيوافق على طلب ملك الكرج، ووصل الخبر إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، فقام من فوره وشجع المسلمين على الصبر ورغَّبهم في الشهادة ووعدهم على قيامهم النصر والظفر والأمن وزوال الخوف، وانتخب منهم رجال من وجهائهم وكبرائهم، وذوي أحلامهم، فخرجوا معه الى ملك المغول غازان، فلما رآهم غازان سأل من هؤلاء، فقيل له هم رؤساء دمشق، فأذِن لهم فحضروا بين يديه، فتقدّم شيخ الإسلام، فلما رآه غازان أوقع الله له في قلبه هيبة عظيمة فأدناه منه وأجلسه وأخذ الشيخ يُكلِّم غازان أولاً في عكس ما كان يغريه به ملك الكرج بتمكينه من ذبح أهل دمشق مقابل الأموال الكثيرة، وضمن لغازان بعض المال ووعظه وذكَّره بحرمة دماء المسلمين، فأجاب غازان طلب شيخ الإسلام. وحُقِنت بسببه دماء المسلمين وحُميت ذراريهم وصين حريمهم.
وذكر بعض المرافقين للشيخ أنه كان يُحدِّث غازان بقول الله ورسوله في العدل ويرفع صوته عليه حتى جثا على ركبتيه وجعل يقترب منه أثناء حديثه حتى كادت ركبتيه تلاصق ركبتي غازان وهو مُقبل عليه بكليته، مُصغ لما يقول شاخص إليه لا يعرض عنه.
واجاب غازان شيخ الاسلام في كل طلباته ومنها إطلاق سراح الأسرى الذين في قبضته من المسلمين ومن نصارى الشام من اهل ذمة المسلمين.
وبعد ان عرف غازان من هو شيخ الإسلام قال لخاصته: إني لم أرَ مثله ولا أثبت قلباً منه ولا أوقع في حديثه من قلبي ولا رأيتني أعظم انقياداً مني لأحد منه.
وعرض غازان على شيخ الإسلام ان يُعمِّر له مسقط رأسه "حران" ويوليه عليها لكن شيخ الإسلام اجابه بأنه لايرغب عن مُهاجر ابراهيم ولن يستبدل به غيره.
ــــــــــــ
إقرأ أيضاً
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..