• لبنان
  • الأحد, حزيران 15, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 8:07:51 ص
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

اغتيال عالم الذرة المصري "يحيى المشد" في باريس

بوابة صيدا

يحيى المَشَدّ، عالم ذرَّة مصري وأستاذ جامعي، درّسَ في العراق في الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية، وقاد برنامج العراق النووي. قُتل المشد في حجرته بفندق في باريس في حزيران / يونيو 1980، في عملية منسوبة بصفة كبيرة للموساد.

وُلد يحيى المشد في مصر مدينه بنها 1932، وتعلم في مدارس مدينة طنطا وتخرج في قسم الكهرباء بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية سنة 1952م.

ومع انبعاث المد العربي سنة 1952، أُختير لبعثة الدكتوراه إلى لندن سنة 1956، لكن العدوان الثلاثي على مصر حوله إلى موسكو.

تزوج وسافر وقضى في موسكو ست سنوات، عاد بعدها الدكتور يحيى المشد سنة 1963 متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية.

عند عودته لمصر انضم إلى هيئة الطاقة النووية المصرية حيث كان قام بعمل أبحاث، ثم انتقل إلى النرويج بين سنتيّ 1964 و 1966، وعاد بعدها أستاذاً مساعداً بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية وما لبث أن تمت ترقيته إلى "أستاذ"، وقام بالإشراف على الكثير من الرسائل الجامعية ونشر أكثر من 50 بحثا.

بعد حرب حزيران / يونيو 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري، مما أدى إلى إيقاف الأبحاث في المجال النووي بمصر.

أصبح الوضع أصعب بالنسبة له بعد حرب تشرين الأول / أكتوبر 1973 حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى اتجاهات أخرى، وهو الأمر الذي لم يساعده على الإبداع، فأدى ذلك إلى ذهابه إلى العراق ليبدع في أبحاثه في المجال النووي.

كان لتوقيع صدام حسين في 18 تشرين الثاني / نوفمبر 1975 اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا أثره في جذب العلماء المصرين إلى العراق، فانتقل يحيى المشدّ للعمل بالعراق.

رفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية لمخالفتها المواصفات، فأصرت فرنسا بعدها على حضوره شخصيا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم.

في يوم الجمعة 13 حزيران / يونيو عام 1980م (30 جمادى الآخرة 1400هـ) وفي حجرته رقم 941 بفندق الميريديان بباريس، عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة، مُهشم الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة بعد أن اغتالته مخابرات الموساد الإسرائيلية. وأُغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على أن الفاعل مجهول. هذا ما أدت إليه التحقيقات الرسمية التي لم تستطع أن تعلن الحقيقة التي يعرفها كل العالم العربي وهي أن الموساد وراء اغتيال المشد.

أول ما نسبوه للدكتور يحيي المشد أن الموساد استطاع اغتياله عن طريق مومس فرنسية، إلا أنه ثبت عدم صحة هذا الكلام؛ حيث أن "ماري كلود ماجال" أو "ماري إكسبريس" كشهرتها –الشاهدة الوحيدة- وهي امرأة ليل فرنسية كانت تريد أن تقضي معه سهرة ممتعة، أكدت في شهادتها أنه رفض تمامًا مجرد التحدث معها، وأنها ظلت تقف أمام غرفته لعله يغيّر رأيه؛ حتى سمعت ضجة بالحجرة.. ثم اغتيلت أيضاً هذه الشاهدة الوحيدة. كما تدافع عنه وبشدة زوجته "زنوبة علي الخشاني" حيث قالت: "يحيى كان رجلا محترما بكل معنى الكلمة، وأخلاقه لا يختلف عليها اثنان، ويحيى قبل أن يكون زوجي فهو ابن عمتي، تربينا سويًّا منذ الصغر؛ ولذلك أنا أعلم جيدًا أخلاقه، ولم يكن له في هذه "السكك" حتى إنه لم يكن يسهر خارج المنزل، إنما كان من عمله لمنزله والعكس…".

وقيل أيضاً: إن هناك شخصاً ما استطاع الدخول إلى حجرته بالفندق وانتظره حتى يأتي، ثم قتله عن طريق ضربه على رأسه، وإذا كان بعض الصحفيين اليهود قد دافعوا عن الموساد قائلين: إن جهاز الموساد لا يستخدم مثل هذه الأساليب في القتل؛ فالرد دائماً يأتي: ولماذا لا يكون هذا الأسلوب اتُّبع لكي تبتعد الشبهات عن الموساد؟!

ودليل ذلك أن المفاعل العراقي تم تفجيره بعد شهرين من مقتل المشد.

والغريب أيضا والمثير للشكوك أن الفرنسيين صمّموا على أن يأتي المشد بنفسه ليتسلم شحنة اليورانيوم، رغم أن هذا عمل يقوم به أي مهندس عادي كما ذكر لهم في العراق بناء على رواية زوجته، إلا أنهم في العراق وثقوا فيه بعدما استطاع كشف أن شحنة اليورانيوم التي أرسلت من فرنسا غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي أكدوا له أن سفره له أهمية كبرى.

الغريب أنه بعد رجوع أسرة المشد من العراق إلى مصر؛ قاموا بعمل جنازة للراحل، ولم يحضر الجنازة أي من المسؤولين أو زملاؤه بكلية الهندسة إلا قلة معدودة.. حيث إن العلاقات المصرية العراقية وقتها لم تكن على ما يرام بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأصبحت أسرة المشد الآتية من العراق لا تعرف ماذا تفعل بعد رحيل المشد، لولا المعاش الذي كانت تصرفه دولة العراق والذي صرف بناء على أوامر من صدام حسين مدى الحياة (رغم أنه توقف بعد حرب الخليج).. ومعاش ضئيل من الشئون الاجتماعية التي لم تراع وضع الأسرة أو وضع العالم الكبير.

كما أن الإعلام المصري لم يسلط الضوء بما يكفي على قصة اغتيال المشد رغم أهميتها، ولعل توقيت هذه القصة وسط أحداث سياسية شاحنة جعلها أقل أهمية مقارنة بهذه الأحداث!! وبقي ملف المشد مقفولاً، وبقيت نتيجة التحريات أن الفاعل مجهول.. وأصبح المشد واحداً من سلسلة من علماء العرب المتميزين الذين تم تصفيتهم على يد الموساد..

اعترفت إسرائيل والولايات المتحدة رسميًا باغتيال العالم المصري يحيى المشد، من خلال فيلم تسجيلي مدته 45 دقيقة، عرضته قناة «ديسكفري» الوثائقية الأمريكية تحت عنوان «غارة على المفاعل»، وتم تصويره بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي.

يتناول الفيلم تفاصيل ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981، وفي هذا السياق كان لابد للفيلم من التعرض لعملية اغتيال يحيى المشد في الدقيقة 12:23، باعتبارها «خطوة تأمينية ضرورية لضمان القضاء الكامل على المشروع النووي العراقي».

وعلق فان جاريت: «الموساد أراد توصيل رسالة تثبت أن باستطاعته فعل أشياء وقد فعلوها»، مضيفا: «لقد اكتشف الموساد أن فرنسا على وشك شحن قلب المفاعل إلى بغداد، حيث قامت بوضعه في مخزن حربي بإحدى المدن الفرنسية، ووضعوا عبوتين ناسفتين لتدمير المكان، لكنهم رأوا أن العراقيين يمكنهم تصليح المفاعل خلال 6 أشهر، ولهذا قرر الموساد الانتظار 6 أشهر أخرى».

يذكر الفيلم أن الموساد «استطاع اختراق مفوضية الطاقة الذرية الفرنسية، واستطاع تحديد شخصية عالم مصري بارز وهو يحيى المشد يعمل لصالح صدام حسين في باريس، وعرضت عليه المخابرات الإسرائيلية الجنس والمال والسلطة مقابل تبادل معلومات حول المفاعل، وعندما وجد الموساد أن المشد لا يهتم بالتعاون معهم قرروا القضاء عليه».

وينتقل الفيلم إلى المعلق عارضًا مشاهد للفندق الفرنسي وصورًا للعالم، حيث يقول المعلق: «يوم السبت الموافق 14 حزيران / يونيو 1980، حجز الدكتور المشد في فندق ميريديان باريس، لكن عملاء الموساد دخلوا وقتلوه».

 

ـــــــــــــ

إقرأ ايضاً

سقوط قلعة دمشق في يد التتار بعد مقاومة مستميتة وجهاد بطولي

العثمانيون يفتحون القسطنطينية (اسطنبول).. ويحققون نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة