• لبنان
  • الجمعة, نيسان 18, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 6:20:58 ص
inner-page-banner
مقالات

ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل 2025

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

حين تُقتل الحقيقة وتصبح العدسة شاهدا...

منذ عقود طويلة والصحافة الفلسطينية تتعرض للاستهداف الممنهج كجزء من معركة السرديات. فكل كاميرا تُسلط على جريمة، وكل قلم يكتب عن حصار أو اغتيال أو مجزرة، وكل صوت يعلو بالحقيقة، يُعد تهديد للمشروع الصهيوني الإحلالي، القائم على تزوير الواقع في كل مرحلة من مراحل القضية الفلسطينية، لذلك كان استهداف الصحفيين وطمس الشهادة الحية على الجرائم.

واليوم وبعد السابع من أكتوبر في غزة المحاصرة يستكمل العدو الفاشي فصلا من ذات المسلسل ولكن بوقاحة موثقة. لا لشيء إلا لأنهم وجدوا أمة صامتة كأنها تماثيل تشاهد ولا يحركها أفظع ما يحصل لأهلنا في غزة.

في مشهد يجسد أقصى درجات الانحطاط الأخلاقي والإنساني في تاريخ البشرية، استهدفت طائرات العدو ليلة أمس الموافق 6 أبريل 2025 خيمة مخصصة للصحفيين بالقرب من مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس مما أسفر عن استشهاد الصحفي حلمي الفقعاوي ويوسف الخزندار وإصابة آخرين، واحترق الصحفي أحمد منصور حيا أمام أعين الجميع وعلى الهواء مباشرة في لحظة تختزل المأساة الفلسطينية بكل تفاصيلها المؤلمة.

ولكن الأكثر فظاعة من الجريمة نفسها هو ما قامت به وسائل "الإعلام العبري" حين نشرت الفيديو باعتباره إنجازا عسكريا وانتصارا مزعوما ضد ما أطلقوا عليه "إرهابي". وجاء التعليق حرفيا بالصيغة الآتية :

קשה לצפייה

"תיעוד של מחבל נשרף למוות כתוצאה מתקיפת צה"

من الصعب مشاهدته

توثيق لإرهابي احترق حتى الموت نتيجة هجمة لجيش الدفاع الإسرائيلي".

أن توثق لحظة احتراق صحفي أعزل لا يحمل سلاحا سوى الكاميرا و الميكروفون ثم يُقدم ذلك المشهد على أنه بطولة فذلك إعلان فاضح على انهيار الأخلاق والضمير الإنساني.

فالصحفيون وفق المواثيق الدولية محميون في مناطق النزاعات. بل يفترض أن يكونوا شهودا وناقلي حقيقة لا ضحايا.

لكن في غزة يتحول حامل الكاميرا إلى جثة متفحمة والعدسة إلى شاهد على جريمة تتكرر كل يوم، ويتحول الميكروفون إلى مقصلة تقطع لسان القانون الدولي والإنساني. وقد صرخنا كثيرا و سيصرخ الميكروفون بأن لا قوانين إنسانية تطبق في فلسطين وبالتالي غزة، لأن واضعوها ببساطة هم فاعلون ومشاركون في الجرائم.

وليس أدل على ذلك من نشر الفيديو في "الإعلام العبري" أمام أعين العالم على أنه "إنجاز أمني" ضد "الإرهاب" لتبرير القتل والإبادة عبر قلب المصطلحات وتحويل الضحية إلى جلاد ومعتد.

أن تحول القتل إلى سردية تبريرية مزيفة وتقدم الجريمة للعالم على أنها سياسة دولة لهو الخطر الأكبر.

لكن الأهم والحقيقة التي لا تتوارى خلف الغربال، هو احتراق "التحضر وحقوق الإنسان والديمقراطية" التي تتغنى بها دولة الاحتلال ومن يدعمها.

هذه الدولة التي ترى في الكلمة خطرا أكبر من الرصاصة، وفي الصورة قنبلة ستنفجر في وجهها لهي إلى زوال قريب بإذن الله.

وتبقى الحقيقة أكبر من أن تحرق وأقوى من أن يطمسها رماد الخيمة والجسد المتفحم.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة