• لبنان
  • الأربعاء, نيسان 02, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 6:47:39 م
inner-page-banner
مقالات

حين ألبسته الكفن بدل ثياب العيد

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

في الوقت الذي يركض فيه أطفال العالم الإسلامي مطالبين أمهاتهم بارتداء ثياب العيد واستلام العيديات للخروج إلى الشارع والتقاء الأقران، نجد أطفال غزة وقد. ارتدوا ملابس موحدة الألوان والشكل.. أكفان بيضاء غارقة بالدماء.

يوم 29 آذار 2025 تحول صباح العيد في غزة إلى جنازات. فالموت يختار أوقاته بعناية ويعرف أهدافه.

يطالعنا اليوم مشهد هو ليس الأول على مستوى قطاع غزة، مشهد الأم التي تحتضن جسد طفلها المسجى داخل كفنه الأبيض الملطخ بالدم. هو ذات المشهد يتكرر من شمال غزة وحتى جنوبها. مشهد يثير قشعريرة الضمير الإنساني الطبيعي. لكنه في عالم تطغى فيه القوة على العدالة يصبح مشهد كهذا مجرد خبر عابر، مجرد "أضرار جانبية" في رواية حقيقية كتبها المجرم ووقع عليها المتواطئون.

هذا الطفل المستكين داخل كفنه لم يكن مسلحا ولم يشكل تهديدا بحسب مزاعمهم لأي قوة من تلك التي تدعي بأنها عظمى في الغرب.

الغرب الذي ينادي بحقوق الإنسان بصوت عال، ويصمت حين يكون القاتل والمجرم هو ذلك الامتداد الطبيعي لسياسته الاستعمارية، يصمت حين يكون الطفل الفلسطيني هو الضحية، فلا إدانات ولا عقوبات ولا مؤتمرات صحفية.

وبرغم الدمار والحصار والجوع إلا أن أطفال غزة كانوا سيصنعون لهم فرحة خاصة في العيد، تُعدّها الأمهات بقبلاتهن المنثورة على كعك العيد. إلا أن "نتنياهو" وحلف الشيطان قرروا عدم منحهم تلك المساحات الصغيرة للفرح. فقتل الأطفال وقتل فرحة الأمهات ظنا منهم أن صورة المشهد ستختفي، وأن الدم سيُنسى، والجرح سيلتئم، ولكن كيف سيلتئم والفرح تحول إلى مأتم، وما تبقى من البيوت إلى مقابر والخيم إلى محارق والأطفال إلى أسماء في قوائم الشهداء.

لكنهم واهمون، فالفلسطيني لا ينسى، والأرض لا تمحو آثار من احتضنها شهيدا، والعدالة قد تتأخر لكنها لا تموت.

القتل في غزة ليس خطأ عارضا، بل سياسة ممنهجة ينفذها أولئك الذين يدّعون حق الدفاع عن النفس. ينظرون إلى الطفل الفلسطيني وكأنه جيش مدجج بالقنابل والطائرات.

والإعلام الذي يفيض بالمصطلحات الإنسانية لا يجد كلمات وافية تعبر عن بشاعة الجريمة في غزة، فيلجأ إلى عبارات واهنة وعاجزة مثل "قُتل" و "سقط". وكأن الموت جاء صدفة، بلا سبب ولا سياق، بلا يد تضغط على الزناد، زناد سلاح الغدر القادم من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول الشيطان. أو ذلك الذي تتزود به طائرات من قواعدها على أرض بلداننا العربية المطبوعة بالخيانة، فياللعار...

لكن القاتل رغم تفوقه العسكري يجهل ما هو مهم، فالمهم هو أن الموت في غزة ليس غيابا، بل هو امتداد للمقاومة. فالأمهات اللواتي يدفن أبناء قلوبهن لا ينكسرن، ولا يورثن وجعهن للأرض ولا لمن بقي حيا من الأبناء الذين سيحملون الذاكرة للاسم الذي لن يمحى للصورة التي ستظل لعنة تطارد الصامتين والمتآمرين ممن ظنوا أن العدالة ستُكفن مع الطفل الشهيد وتُدفن.

غزة لن تنسى والأرض التي ارتوت بدماء أبناءها لن تقبل أن يبقى القاتل بلا حساب.

ولن تبرح تكرار ما قاله القسام *إنه لجهاد نصر أو استشهاد*

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة