بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
كان القائد الشهيد محمد الضيف من أولئك الذين خرجوا من البذرة التي ادُخِرت ليوم حصاد.. فأنبتت آلاف السنابل على مدى عقود على أرض غزة.. فكانت أشاوس القسام..
أعلن القائد أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس مساء الخميس ٣٠/يناير/٢٠٢٥ عن استشهاد قائد هيئة الأركان لكتائب القسام وعدد من القادة العظام من أعضاء المجلس العسكري للقسام، خلال معركة طوفان الأقصى.
ولد محمد دياب ابراهيم المصري والمعروف بـ محمد الضيف في مخيم خان يونس للاجئين في جنوب قطاع غزة عام ١٩٦٥ لعائلة تم تهجيرها من بلدة القبيبة من الأرض المحتلة ٤٨.
درس العلوم في الجامعة الإسلامية في غزة. وشارك في انتفاضة الحجارة عام ٨٧، وتم اعتقاله من قبل قوات الاحتلال عام ٨٩ بتهمة الانضمام للجناح العسكري لحركة حماس وأفرج عنه عام ٩١.
التحق بالقسام وكان من الجيل الأول للقساميين. نفذ عدد من العمليات الفدائية ضد العدو وأصبح المطلوب الأول لها.
ويُذكر أنه وصل إلى الضفة الغربية وحلّ بها ضيفا بهدف تشكيل الخلايا الفدائية، وكان له ذلك.
عُرف محمد ب *الضيف* لأنه كان ضيفا لعقود في منازل مختلفة، لا خوفا من الموت ولا هروبا منه، بل كان هدفه تبليغ الرسالة وتأدية الأمانة الثقيلة، أمانة قتال الأعداء واستعادة الأرض والمقدسات.
لاحقه العدو وحاول اغتياله أكثر من مرة وفي إحداها قصف بيته وارتقت زوجته وابنه شهيدين. فعُرض عليه الخروج من غزة حيث السلام والأمان، غير أنه رفض.
فنفسه الكبيرة أبت عليه أن يرى أهله وشعبه مهاجمين في عقر دارهم ويتحكم بهم شواذ الأرض من يهود الشتات وحلفائهم. وكفارس مغوار امتشق حسام الشرف وظل في أرض الجهاد، وحُق لها أن تكون. فأرض فلسطين كلها أرض جهاد ورباط إلى يوم الدين. وسارع محمد برفضه الخروج من غزته إلى مغفرة من الله وجنة عرضها السموات والأرض أعدت له ولأمثاله من الشهداء والمتقين. وقال قولته المشهورة
*نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال، إما أن ننتصر أو نستشهد*.
وسار بذلك على نهج قائد القسام الأول، عز الدين القسام الذي قاتل الانجليز في غابات يعبد بجنين حتى استشهد.
وقد كان الضيف قد أدار العمليات الفدائية ضد العدو. وكان من أبرز المهندسين الذين قاموا بتطوير القدرات العسكرية للحركة بما فيها تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكات الأنفاق.
وكان هو من أعلن انطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر٢٠٢٣. لكنه لم يكتف بالإعلان بل انطلق ليكون في الصفوف الأولى مشتبكا مع عصابات العدو. ومن الطبيعي أنه حين تُسرق الأرض وتتعرض لأكبر عملية تطهير عرقي على مر التاريخ ويُقتل أصحابها ويُهجر أغلبهم ويُقمع من بقي منهم وتمارس عليهم كافة السياسات العنصرية والفاشية، أن يولد من رحم هذا كله شعبا مناضلا مستعدا للتضحية بالغالي والنفيس من أجل اجتثاث هذا العدو من الأرض واستعادة الكرامة.
وقد سار الضيف بهذا على نهج عز الدين القسام وهو أن القائد لا يكتفي بالدعوة للجهاد في سبيل الله ضد الأعداء بالقول، وإنما يجب عليه أن يبدأ بنفسه، فينفر إلى ساحة الوغى قبل غيره. وقد فعلها الضيف والسنوار وقادة الفصائل الفلسطينية عامة والقسام خاصة.
وكان كل شهيد يرتقي، يسهم في تعبيد طريق النصر للشهيد الذي يليه. لذلك فالقسام لم يتوقف عن القتال بشراسة ضد العدو حين ارتقى السنوار وهو مشتبك، ولا عندما ارتقى الضيف، بل إن الطريق بعد كل استشهاد قائد تصبح أسهل للمضي عليها من ذي قبل. وقد نسف هذا ظن العدو بأن موت القادة يقتل بذرة المقاومة.
وضيفنا عاش ضيف في الأرض وغدا مساء الجمعة ضيف في السماء على إخوانه من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا..
فهنيئا لك الشهادة يا قائد ويا شبح ويا مؤرق الأعداء وهنيئا الشهادة لجميع القادة العظام.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..