مقالات

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

اليوم محور نتساريم الذي كان يفصل جسد غزة خلال خمس عشرة شهرا ويفرق شمل الأهل والأحبة، ينبذ الغزاة وينفضهم عنه ويخلعهم كرداء قذر دخيل..

ومحور نتساريم ممر يفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب القطاع.

وقد كانت قبل فك الارتباط عام ٢٠٠٥ تقوم مستوطنة نتساريم في نفس مكان المحور. وأطلق عليه أهل غزة مفرق الشهداء، بسبب كثرة الشهداء الذين ارتقوا فيه خلال الأيام الأولى للانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠.

بعد السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ ظنت قوات الاحتلال أن سيطرتها على المحور سيمكنها من إعادة الاستيطان إلى القطاع. وقد فرضت بالفعل وقائع ميدانية حين تمكنت من ذلك حين سيطر الجيش عليه وعلى مناطق واسعة في محيطه من الجهتين الجنوبية والشمالية. حيث لم يسمح بأية حركة على جانبيه سوى تلك الحركة الخاصة بدخول شاحنات المساعدات الإنسانية وبعض سيارات الإسعاف والصليب الأحمر ووكالة الغوث. ولذلك شكل المحور منطقة استراتيجية بالنسبة للعدو.

ومن خلال هذا المحور حاول جيش الاحتلال تطبيق خطة الجنرالات التي هدفت إلى فرض الأمر الواقع باستيطان شمال القطاع ثم التحرك نحو باقي مناطق القطاع والسيطرة عليه بالكامل.

ويُذكر بأن جيش الاحتلال قد بدأ عملية عسكرية بتاريخ ٦/نوفمبر/٢٠٢٤، امتدت من جباليا إلى بيت لاهيا فبيت حانون.

وكانت ذريعة الجيش منع حركة حماس من استعادة تنظيم صفوفها في شمال غزة. وقد عاث جيش الاحتلال فسادا أثناء هذه العملية من هدم للمنازل وتهجير وإبادة، كما منعت وصول مساعدات إغاثية إلى الشمال واعتقال الأطباء والطواقم الطبية وإخراج المستشفيات عن الخدمة كما حصل في مستشفى العودة ومستشفى كمال عدوان وحرق الأخير واعتقال الطاقم الطبي ومنهم الدكتور حسام أبو صفية.

إلا أن المقاومة الفلسطينية أذاقت جيش الاحتلال الخسارة تلو الأخرى جراء العمليات النوعية خلال أكثر من ١٠٠ بوم، ما كان من نتائجه تبديد وهم الاحتلال وخطة الجنرالات.

وقد تم التوصل إلى اتفاق بين حركة حماس ودولة الاحتلال من خلال الوسطاء "مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية".

حيث دخل حيز التنفيذ بتاريخ ١٩/ديسمبر/٢٠٢٥، وتم تبادل الأسرى بين الطرفين في المرحلة الأولى ضمن الدفعة الأولى. وكان من ضمن شروط الحركة انسحاب قوات الاحتلال التدريجي من القطاع بما في ذلك محور نتساريم الذي طالما كان أحد أهم نقاط الخلاف في المفاوضات بين الحركة والاحتلال.

وقد واجه الاتفاق بعد دخوله اسبوعه الثاني عراقيل من قبل دولة الاحتلال بعد ربطها الإفراج عن الرهينة "أربيل يهود" السماح بعودة النازحين إلى الشمال، وأنها أي دولة الاحتلال لن تفتح المحور حتى يتم إطلاق سبيلها.

وجاء هذا بعد ادعاء دولة الاحتلال أن حركة حماس خرقت بنود الاتفاق عندما لم تفرج عن "أربيل" ضمن الدفعة الثانية من تبادل الأسرى، وأنها مدنية وأن الاتفاق ينص على الإفراج عن المدنيات قبل العسكريات.

ولكن حصلت انفراجه مساء ٢٦/فبراير/٢٠٢٥ حينما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية أن "أربيل يهود" وأسيرتين إضافيتين سيتم الإفراج عنهم قبل يوم الجمعة القادم.

فهدر طوفان بشري اليوم فجر السابع والعشرين من فبراير يحمل بشريات النصر ،متجها نحو الشمال فاتحين مكبرين مهللين، بعد انسحاب ليلي مذل للجيش الصهيوني من محور نتساريم وتحطمت أوهام الجنرالات كما تحطمت أصنام قريش يوم الفتح المبين، فتح مكة.