عبد الباسط ترجمان ـ بوابة صيدا
بعيدا عن انتقاد برنامج "ميني مافيا" إلا أن البرنامج كشف المستور، فظهر من خلاله مدى التعبئة الدينية، والحزبية، والحقد، والانقسام بين مكونات الشعب اللبناني..
الطفل الأول ابن حزب الله، واثق من نفسه بالانتصار، مفتخراً بامتلاكهم أسلحة، مؤكداً أنه "مقاتل صغير" في دورات الحزب العسكرية، متمنياً الاستشهاد، كما انتقد حزب "القوات اللبنانية" وأكد وجوب التخلص منه، معتبراً أن "أجر السيد حسن بتسوى لبنان كله"... وظهرت عليه لباقة التفاخر والتعالي في السخرية من مقدمة البرنامج، التي سألته "بتحمل سلاح أنت" أجابها: "أما سؤال يا مدام"..
ونرى الطفل الثاني ابن القوات اللبنانية، يتحدث بثقة زائدة بأن القوات جاءت لـ "تشيل" حزب الله، مفتخراً بتاريخ القوات، وأن جده كان مقاتلاً فيها، وأنها كانت (سابقاً) "مُدمرة لحزب الله"، وان الحزب كان صغيرا "نقطة بالـ % " كما وصفه، و يجب التخلص منه.. كما أشار إلى أن بشير الجميل "أد السيد حسن على مرتين"..
هذا جزء من الحوار الذي جرى بين طفلين لا يتجاوزان الحادية عشر من العمر، الأول شيعي ينتمي إلى "حزب الله" والثاني مسيحي ينتمي إلى "القوات اللبنانية"..
الكثير انتقدوا "البرنامج" ولكن في الحقيقة، البرنامج لا شأن له بهذه التربية، ما فعله البرنامج أزال الغشاوة عن عيون كثير من الناس، وكشف، أن الشعب اللبناني يتمتع بـ "حقد دفين" و "انقسام عامودي" لا يمكن التخلص منه أبداً..
الطفل الأول (الشيعي) مشكلته تقديس حزبه، وقياداته، فهو لا يقبل كما بقية "المنتسبين للحزب انتقاد أي قيادي في الحزب.. فـ "أجر السيد حسن بتسوى لبنان كله"... وبهذا المنطق تحدث الطفل الثاني (المسيحي) فـ "بشير الجميل"، الذي اغتيل قبل مولده بأكثر من ثلاثين عاماً "أد السيد حسن على مرتين"..
أمثال هذه النماذج لا تبني وطناً، المجتمع الذي لا يقبل بالآخر، لا يمكنه التعايش معه، إنما التعالي عليه، ولا يمكنه أن يكون تحت سقف "الوحدة الوطنية والعيش المشترك" الذي صدع ساسة لبنان "ومنهم قادة الأحزاب التي ينتمي إليها ضيوف البرنامج" رؤوسنا به، بأمثال هؤلاء سينزلق لبنان إلى حرب أهليه، دينية.. نعرف كيف تبدأ ولكن لا نعرف متى و كيف تنتهي..
بالمقابل لا نقبل أن يخرج علينا قيادات حزب الله أو القوات اللبنانية ليقولوا لنا، لا شأن لنا بما جرى، فهذا كلام أطفال.. لا.. هذه تعبئة دينية، حزبية، وجنون عظمة، وغطرسة، عمل عليها الطرفان، نعم، هناك بث لأحقاد بين المنتسبين لكلا الطرفين، إذ لا يمكن أن يصدر هذا الكلام الخطير من طفلين، إلا إن كانا قد دخلا مدرسة التعبئة في حزبيهما، وتخرجا منها يحملان شهادة "انا وحزبي وبس" ولا أقبل بأي شريك معي في هذا البلد، إلا أن أكون سيدا فيه، والآخر مواطن درجة دونية..
أين الدولة اللبنانية مما جرى؟ أين مجلس الوزراء؟ أين مجلس النواب؟ أين مناهج التعليم التي ينبغي أن تضع شعار "لبنان للجميع" وإن اختلفنا في وجهات النظر..
إن ما صدر عن الطفلين يوحي بتسخين النفوس، والتحضير لحرب أهلية مدمرة، لن ينجو منها أحد الطرفين، وستكون وبالاً على الجميع، وعندها سنقول، على لبنان السلام..
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..