بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
تعتبر العلاقة بين اليهود وإلاههم المزعوم بحسب "دافيد هارتمان" في كتابه "العهد الحي" ١٩٨٦, بالغة التعقيد والغرابة. فمن جهة يسود الاحترام والاستقلال الذاتي والغموض والخوف، ومن جهة أخرى نجد المشاعر المتضاربة من الشك والغضب والاستكانة والتنافس والاستهانة وحتى الإنكار الكامل تتخلل هذه العلاقة.
وأن تكون العلاقة بهذا الشكل فهو أمر طبيعي، لأنهم أي اليهود من صنعَ هذا الإله المزعوم، بهدف تنفيذ أهوائهم ومزاعمهم. وإلا فكيف تقدِّم أمة من الأمم دينها على ربها والذي من المفترض أن يكون خالق الدين؟
من المعروف بأن اليهود قاموا بتحريف التوراة التي نزلت على سيدنا موسى عليه السلام باعتراف المؤرخين اليهود أنفسهم، حينما قالوا أن "تدوين التوراة انتهى فعلا بعد ظهور المسيح".
كما يقول "سبينوزا" المولود عام ١٦٧٧ وهو فيلسوف هولندي من أصل يهودي "أن التدخل البشري في التوراة واضح من التفاصيل وأسلوب السرد والسياق والترتيب وضمير المتكلم".
كما أن مخطوطات البحر الميت ودير علّا وغيرها أكدت هذا التحريف.
ولا دليل يعلو على قول الله تعالى "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله" البقرة ٧٩.
ولكن ولكي يتناسب ما كتبته أيديهم فقد تحولوا عن اسم الله إلى اسم "يهوه". فأقبل الحاخامات بعد تحريف التوراة على كتابة التلمود، وجعلوا فيه "يهوه" الذي على زعمهم يحميهم من الله الخالق.
وقد ارتبط اليهود ب "يهوه" بعلاقة مادية تقوم على الرهبة أكثر من المحبة، ثم تقربوا إليه بالذبائح والقرابين اتقاء لغضبه، فكان بذلك أقرب إلى آلهة قبائل الجاهلية من "اللات والعزى ومناف" وغيرها.
كما صور كاتبوا التلمود من الحاخامات هذا الإله المزعوم "يهوه" في صورة بشرية حد الاستهانة. فهو عندهم يخلق ثم يتعب ويجلس ويرتاح على كرسيه. وأنزلوه إلى مرتبة الإنسان حتى أنه "يبكي ويندب ويزأر، ندما لأنه سمح بخراب بيته وإحراق الهيكل ونهب أولاده" التلمود ص٧١.
كما أنهم قاموا بتأليه الحاخامات لدرجة أن تعاليمهم لا يمكن نقضها ولا تغييرها بأمر الله.
كما قالوا بأنهم لن يسجدوا له وذلك يرجع إلى الكبر وتقديس الأنا، فالسجود عندهم مهين للإنسان.
فأي إله هذا الذي صنعوه لأنفسهم وحسب أهوائهم؟ وسبحان الله المنزّه عما يقول الظالمون. وسبحان من يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب والإنسان وكل مخلوقات الكون.
وسبحان من جعل السجود لقمع الكبر في الإنسان لأن الكبرياء لله وحده.
وبعد هذا، كيف لقوم مكنوا أعز أعضائهم وهو الوجه من أذلّ الأشياء وهو تراب الأرض، ساجدين، هاتفين*سبحان ربي الأعلى* أن ينهزموا، وينتصر عليهم قوم يدعون أن السجود مذل ومهين للإنسان؟
كيف لمجاهدينا في غزة الذين يتذللون لله آناء الليل وأطراف النهار ثم يحملوا أسلحتهم المتواضعة، أن لا يمكنهم خالقهم من عدوهم وذرات تراب السجود لا تزال عالقة بجباههم الطاهرة.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..