• لبنان
  • السبت, كانون الأول 21, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 5:36:52 م
inner-page-banner
مقالات

لهذه الاسباب.. انطلق حراك شيعي سياسي مستقل في لبنان..

بقلم حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات ـ بوابة صيدا

بعد عقود من الهيمنة الثنائية على المشهد السياسي الشيعي في لبنان، فيما اطلق عليه تحالف الثنائي الشيعي.. (حركة أمل وحزب الله).. واثمر هذا التحالف هيمنة كاملة ان لم نقل احتكار تام على المشهد السياسي النيابي والتمثيلي للطائفة الشيعية في لبنان.. وتم تغييب العائلات السياسية والمجموعات والجمعيات والشخصيات الناشطة، واختصر الثنائي، حضور ودور الطائفة الشيعية سواء سياسياً او دينياً من خلال مواقفه، وقراراته وسياساته وارتباطاته وتحالفاته المحلية والاقليمية.. واصبح الخلاف مع مواقف الثنائي هو خلاف مع الطائفة والعكس صحيح.. وتحالفاته سواء محلياً او اقليمياً هي ملزمة وتحمل الطابع المذهبي والديني الى جانب السياسي..

وتم ربط السياسي بالديني من خلال اعطاء المواقف السياسية بعداً دينياً.. كذلك عمل الثنائي على تعظيم ان لم نقل تقديس قياداته ورموزه، بحيث اصبح انتقادها غير مقبول وفيه تجاوز وتطاول لا يمكن السكوت عنه من قبل الثنائي.. هذا الاسقاط الديني على الواقع السياسي، جعل من البيئة الشيعية، مغلقة ومقيدة بمواقف الرموز السياسية التي تحمل صفة دينية.. وبالتالي عاش شيعة لبنان وباقي المكونات الدينية والسياسية اللبنانية انقساماً حاداً ومرحلة صعبة وقاسية ومكلفة جداً وتتمحور حول الامور التالية:

اسباغ القداسة والرمزية الخاصة على القيادات السياسية كان الهدف منها منع الاعتراض عليها او مساءلتها ومحاسبتها على مواقفها السياسية.. في حين إن هذه القيادات تسمح لنفسها بالتهجم والاعتراض سياسياً.. وغير ذلك..

اصبحت البيئة الشيعية اسيرة شعار محور المقاومة، الذي يتخطى الحدود والمعابر لان طهران هي قلب المحور ومحركه.

كل معارضة من رموز او شخصيات شيعية سواء مدنية او دينية هي مشبوهة ومرتبطة بالسفارات وبمشاريع خارجية ويجب ان تلفظ وتعزل وتصنف على انها خيانة.

المواقف الدينية والارتباط بمشروع ايران الديني.. دفع البعض في الداخل اللبناني وله مبرراته وتبريراته وخوفه وقلقه، من رفع شعار الفيدرالية ليحفظ لنفسه تميزه ومميزاته وثقافته وقناعاته امام الهجمة الثقافية التي احس انها قد تؤثر عليه سلباً..

غياب مفهوم الخلاف السياسي واستخدام المفردات الدينية في توصيف الآخرين، كان لها الاثر السلبي، على التفاهم والتعايش والانسجام.. (قوى تكفيرية، متشددة، متطرفة، ارهابية) على كل من يخالف محور ايران سواء في لبنان او خارجه...

غابت العناوين والرؤية السياسية الوطنية عن مشروع الثنائي.. فاهدافه تتخطى الوطن الصغير بالنسبة لطموحاته.. ومواقفه تخلط بين الاقليمي والوطني..

لم يقدم هذا الثنائي يوماً رؤية اقتصادية او اجتماعية باعتباره فاعل اساسي على الساحة اللبنانية.. بل عمل على تاسيس مؤسسات اقتصادية واجتماعية خاصة به وبمن يشاركه الرؤية والمشروع.. فقط لا غير.. في حين انه يستفيد من مؤسسات الدولة ويريد حصة وازنة منها..

اعتبر الثنائي انه مشروع معارضة مستمرة، ولا يتحمل مسؤولية ما وصلت اليه الامور على كل المستويات.. ولكنه يتحكم بالتعيينات والتشكيلات والاستحقاقات الدستورية انجازاً وتعطيلاً بصراحة ووضوح.. الا اذا كانت تناسب مساراته الداخلية كما الاقليمية..

للتأكيد على انه قادر على التعطيل امسك بوزارة المالية لوقف اية تشكيلات ادارية او قرارات مالية لا يوافق عليها..

استخدم الاعلام للترويج لدوره وثقافته بشكل يتوافق مع النهج الديكتاتوري السائد في كثير من الدول وخاصة ايران.. فالاعلام تحت السيطرة.

نسج تحالفاته مع الآخرين على قاعدة الولاء والخضوع والتبعية وليس التساوي في الحضور، ولذلك عندما اصاب حضوره الضعف والخلل، قفز بعض الحلفاء من المركب بسرعة مع اطلاق مواقف مناقضة تماماً لما كانوا يقولونه سابقاً..

احتكر التفاوض باسم لبنان على الترسيم البحري ودون العودة الى المجلس النيابي الممثل الشرعي لجمهور اللبنانيين.. وكذلك في موضوع وثيقة الالتزامات لوقف العدوان الاسرائيلي على لبنان.. ولو اعطى ميقاتي غطاءً سياسياً باسم الحكومة لهذه الالتزامات..

دخل الحرب في العراق واليمن وسوريا.. دون الالتفات الى الداخل اللبناني مطلقاً تحت شعار (نكون حيث يجب ان نكون)..

دفعت الطائفة الشيعية نتيجة هذه السياسات والمواقف آلاف الضحايا على امتداد سنوات من هيمنة الثنائي.. (واخرها الحرب السورية، كما الحرب مع اسرائيل)..

تسببت هذه السياسيات والتدخلات في ازمة نزوح ودمار وخراب واصابات بالآلاف تتطلب رعاية اجتماعية لم يعرف حجمها بعد.. ولا من سوف يتحمل تداعياتها.. كما الحاجة الى اعادة اعمار بالغة التكاليف وتتطلب سنوات ومليارات من الدولارات..

تسببت هذه السياسات في ازمة علاقات لبنانية مع الدول الشقيقة والصديقة وانعكست سلباً على الواقع المالي والاقتصادي وكذلك الدبلوماسي والامني..

الخلاصة

امام هذا الواقع المؤلم والصعب والقاهر، والانقسام والتشتت الداخلي والانعزال عن الخارج، لم يتحمل احد من هذه القيادات السياسية والدينية المسؤولية ليتقدم باستقالته او على الاقل بتقديم تفسير منطقي وبالتالي الاعتذار لهذه البيئة التي قدمت الكثير لخدمة مشاريع اقليمية من خدمة سورية ابان عهد النظام البائد والمخلوع، وعلى الساحة اللبنانية عسكرياً مع تداعيات الحرب الاخيرة.. الى خدمة الاستراتيجية الايرانية في المنطقة..

لذلك كان لا بد من اعادة احياء العمل السياسي الوطني والنوعي الذي يقوم على التعددية ورفض الاحادية تحت اي مسمى والتفرد بالقرار ضمن الطائفة، ورفع منسوب الانتماء للوطن والامة، وتقديم مشاريع تحمل رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية، والانخراط في عمل سياسي وطني يضم مختلف المكونات الوطنية، لان الوطن هو العنوان والغاية.. والعلاقة مع الاقليم والدول الاقليمية والعالم الخارجي هي لخدمة المصالح الوطنية لجميع المواطنين..

من هنا وبناءً على الواقع الذي قدمناه، كانت نهضة المفكرين والناشطين والوطنيين من ابناء الطائفة الشيعية التي لاحظناها ونعيش حراكها ونواكب تفاعلها والاهتمام بحضورها الى جانب الناشطين من المكونات الاخرى لبحث اطلاق مجموعات سياسية وطنية ترفض الهيمنة على مواقف ومقدرات ودور وحضور الطائفة واختصاره على انه مذهبي طائفي ومشروع ديني، بل على العكس من ذلك، فان شيعة لبنان هم مكون اساسي وفاعل وناشط وقادر على الخروج من دائرة التسلط الاقليمي الضيق، الى رحاب الساحة الوطنية التي تستوعب كل القوى والنشاطات والافكار البناءة.. والتفاعل ايجاباً مع الجميع لمصلحة الوطن وحماية جميع المواطنين وخدمة تطلعاتهم على قاعدة الانتماء للوطن ونموه واستقراره... 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة