بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
أقرّت الأمم المتحدة اتفاقية مفادها عدم تقادم الجرائم ضد الإنسانية في عام 1968. وبدأ نفاذها بتاريخ 11 نوفمبر 1970.
غير أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال رفضتا التوقيع عليها، وذلك لخشيتهما أن تؤخذ ضدهما في سجلهما الطويل في انتهاكات حقوق الإنسان.
وقد أقدمت دولة الاحتلال على صنع اتفاقية جديدة لنفسها، تصبّ في مصلحتها وهي ما عُرفت ب "قانون المانيا الغربية لمقاضاة مجرمي الحرب".
وكان من المقرر العمل بها حتى عام 1965، غير أن "موريس أبراهام" رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية وعضو محكمة "نورمبرغ" لمجرمي الحرب في ألمانيا الغربية، قال بأن القانون صدر عام 1949 عند إنشاء المحكمة الاتحادية الألمانية وليس بعد انتهاء الحرب عام 1945 وهكذا امتد العمل بها حتى 1969.
وفي العام الأخير من 1969 وبعد الضغط الصهيوني، امتد نفاذها حتى نهاية 1979.
وعندما جاء 1979، تعللت جماعات الناجين من "الهولوكوست" المزعوم بأنها ستقوم مع المنظمات اليهودية بأن توقف العمل بتلك الاتفاقية سوف يلحق ضررا بذكرى الملايين من ضحايا الإرهاب النازي.
وانطلاقا من هنا بدأت المنظمات السياسية حملتها مع أوائل عام 1979 بالاستفادة من الإعلام، عن طريق بث شريطين تلفزيونيين. الأول مسلسل تلفزيوني روائي حمل عنوان "الهولوكوست" والثاني عبارة عن شريط وثائقي بعنوان "الهرب من العدالة" يتحدث عن 200 مجرم حرب نازي في أمريكا، حمت الحكومة بعضهم وجندت آخرين منهم.
وبدأت الدعاية لهذين الشريطين في كبريات المجلات. فكانت "الاكسبرس" في فرنسا، و "التايم" في أمريكا، كما في عدد من المجلات الألمانية. أما صحيفة "الأوبزوفر" البريطانية فقد شاركت الحملة بموضوع احتل نصف صفحة عن النازيين الجدد في ألمانيا، وكان هذا تمهيدا لأكبر مظاهرة مناهضة للنازية بتاريخ 23 أبريل 1979.
وهكذا فإنه لم يأت منتصف عام 1979حتى كانت جلسات لمناقشة مصير قانون مجرمي الحرب في البرلمان الألماني، وقد فاز أنصار الصهاينة بتاريخ 3 يوليو 1979 بما أرادوا وتم إلغاء مبدأ تقادم جرائم الحرب نهائيا ولم تسقط ملاحقة مجرمي النازية.
ولكن جرائمهم بحق أهلنا في فلسطين عام 1949 لم تُلاحق وأسقطوها عنهم كما جرائمهم في 1982 في مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت لم تلاحق أيضا ومات من مات من مرتكبي الجرائم دون عقاب.
واليوم وبعد 7 أكتوبر تتزايد جرائم الحرب التي ترتكبها دولة الاحتلال بدعم أمريكي غربي عربي بحق أهلنا في غزة من سياسة تطهير عرقي وخاصة في شمال غزة، بدءا من استخدام الأسلحة العشوائية غير الموجهة مثل الروبوتات والبراميل المتفجرة التي تستهدف المنازل المأهولة بالسكان ومنع كوادر الدفاع المدني من الوصول إلى المصابين وتركهم ينزفون حتى الموت تحت التهديد بالقصف والقنص، حتى شبعت كلاب الأرض من جثامينهم.
واستهداف المستشفيات والكوادر الطبية وشن هجمات ضد موظفين ومنشآت المساعدات الإنسانية من طعام ومياه وأدوية ووقود، ومسح أحياء كاملة، كما حصل في مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، وإجبار آلاف العائلات على النزوح تحت تهديد الدبابات في أكبر عملية تهجير قسري في التاريخ.
بالإضافة إلى ما ترتكبه دولة الاحتلال من اعتقالات للمدنيين وتنفيذ الإعدامات الميدانية بحقهم، وأكثر من ذلك من فظائع كلها ترقى أن تكون جرائم حرب.
فهل ستُحاسب دولة الاحتلال ومن يقف خلفها من دول على رأسها الولايات المتحدة رأس الشيطان وحلفائها من غرب وعرب؟ أم أنها ستُطوى كما طويت صفحة التطهير العرقي عام النكبة وبذلك يُغلق ملف الإنسانية على الأرض ليأتي الملف الذي لن يُطوى عند خالق الكون الذي لا يظلم ولا ينسى.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..