علاء الدين الغربي* ـ بوابة صيدا
على مرّ التاريخ، شكّلت الحروب مسرحًا خصبًا لنشوء طبقات من المنتفعين يُعرفون عادةً بـ"تجار الحروب". هؤلاء لا يتورّعون عن استغلال معاناة الفقراء لتحقيق مكاسب شخصية. ولا تُعتبر غزة استثناءً في هذا السياق، حيث أطلقت قوات الاحتلال العنان للفوضى، مفسحةً المجال لعصابات متخصصة في سرقة المساعدات الإنسانية وإعادة بيعها بأسعار باهظة في السوق السوداء.
المشهد
في الثامن عشر من تشرين الأول، نفّذت حركة حماس عملية استهدفت عصاباتٍ متورطة في سرقة المساعدات، وأسفرت عن مقتل أكثر من عشرين شخصًا. وقبل ذلك بيومين، تعرّضت أكثر من مئة قافلة مساعدات للنهب. ووفقًا لتقرير واشنطن بوست، فإن هذه العصابات تعمل بحرية في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. وأكد التقرير أن "سرقة المساعدات أصبحت العائق الأكبر أمام توزيعها في الجزء الجنوبي من غزة". كما أشار إلى استفادة العصابات من التساهل الإسرائيلي، حيث تجري عمليات النهب على مقربة من نقاط تمركز الجيش دون تدخل. يثير ذلك تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين هذه العصابات وقوات الاحتلال.
تواطؤ مع الاحتلال
عرضت قناة "القاهرة الإخبارية" تقريرًا تحت عنوان "نهب المساعدات في غزة"، أوضح أن العصابات تعمل بحرية في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال. كما كشفت مذكرة داخلية للأمم المتحدة، حصلت عليها واشنطن بوست، عن إنشاء قائد عصابة قاعدة عسكرية صغيرة في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. تعبر المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم ثم كيسوفيم شرق دير البلح، حيث تراقب العصابات دخول الشاحنات، وتهاجمها على مقربة من مواقع الجيش الإسرائيلي. ونشرت صحيفة هآرتس تحقيقًا ذكر أن "الجيش الإسرائيلي يتيح لعصابات مسلحة ابتزاز شاحنات المساعدات وأخذ الخوّة منها"، ما أثار موجة استنكار واسعة.
ردود الفعل
نقلت وكالة رويترز عن المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارجريت هاريس، قولها: "أصبح من الصعب للغاية إدخال المساعدات بعد سلسلة من حوادث النهب". وفي تقرير مشترك لمنظمات إنسانية، بينها "أطباء العالم"، و"أوكسفام"، والمجلس النرويجي للاجئين"، أُشير إلى أن عمليات النهب تفاقمت نتيجة استهداف إسرائيل لما تبقّى من قوات الشرطة في غزة، وإغلاق معظم نقاط العبور. حمّل التقرير إسرائيل المسؤولية، مشيرًا إلى أنها "لا تمنع نهب شاحنات المساعدات ولا تضع حدًا للعصابات المسلحة التي تبتز المنظمات الإنسانية". وأضاف أن عناصر الشرطة الفلسطينية الذين حاولوا مواجهة العصابات تعرضوا لهجمات مباشرة من الجيش الإسرائيلي.
بدوره، صرّح مهند هادي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، بأن "غزة أصبحت بلا قانون، حيث لا يوجد أمن في أي مكان". ورغم الدعم الكبير الذي قدمته الإدارة الأميركية لإسرائيل منذ بدء العدوان، أقرّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، بأن "القوات الإسرائيلية تتحمل جزءًا من المسؤولية عن هذا الوضع".
خاتمة
تبذل الجهات الحكومية في غزة جهودًا للتصدي لظاهرة سرقة المساعدات، لكن هذه الجهود تصطدم بعقبات كثيرة، أهمها صعوبة الوصول إلى المناطق التي تنشط فيها العصابات بسبب استهداف الجيش الإسرائيلي. يبدو أن الاحتلال، الذي يعمد إلى القتل عبر النيران والغارات، يُكمل مهمته بسياسة تجويع منهجي تهدف إلى سحق كل من تبقى.
*باحث سياسي
ــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1:"20 قتيلا من لصوص المساعدات في عملية أمنية بغزة " في 19/11/2024_الجزيرة نت
2:"أمريكا: الجيش الإسرائيلي "يتحمل جزءا من اللوم" على نهب المساعدات في غزة" في 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2024_سي ان ان
3:صفحة السياسة في الشرق نيوز في ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤
4:"حماس تقود قوة للتصدي لعصابات نهب قوافل المساعدات في غزة" كتب نضال المغربي في ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٤ _رويترز
5:«عصابات منظمة بغطاء إسرائيلي».. ألاعيب الاحتلال لنهب المساعدات في غزة" كتب شريف سليمان في ١٩ تشرين الثاني _جريدة الوطن
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..