• لبنان
  • الجمعة, كانون الأول 27, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 3:56:55 ص
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

داخل مبنى في "تل أبيب" يسمى البيت الأحمر جلس أحد عشر صهيونيا في غرفة تقع في الطبقة العلوية بتاريخ ١٠/آذار/٤٨ تحت ملصقات ماركسية الإيحاء، كتب عليها شعارات مثل "أخوة في السلاح" و "القبضة الفولاذية" ورسوم تمثل اليهود "الجدد" أصحاء مفتولي العضلات لوحتهم الشمس يصوبون بنادقهم من وراء سواتر في ما أسموه ب "الحرب الشجاعة" ضد "الغزاة العرب المعتدين". وقاموا بوضع اللمسات الأخيرة على ما سمي بخطة "التطهير العرقي" التي حملت اسم "دالت" والتي تعتبر النتيجة الحتمية للنزعة الأيديولوجية الصهيونية التي تطلعت إلى فلسطين كوطن لليهود فقط.

حفلة التطهير تلك أدارها ما سمي بعد قيام الدولة ب "أبطال حرب الاستقلال". وهم الأحد عشر الذين جئت على ذكرهم في البداية، وكان على رأسهم زعيم الحركة الصهيونية"دافيد بن غوريون". بالإضافة إلى"يغئيل يادين" "موشيه ديان" "يغآل آلون" يتسحاق ساديه" "موشيه كالمان" " موشيه كرمل" "يتسحاق رابين" "شمعون أفيدان" "يتسحاق بونداك" وأخيرا "إيسر هرئيل".

وهؤلاء يمثلون الحركة العمالية داخل الحركة الصهيونية والتي وضعت الأساس لتطهير فلسطين من سكانها الشرعيين.

وقد نجحت خطة هؤلاء الصهاينة عن طريق العصابات الصهيونية من "هاجاناه" "إرغون" "شتيرن" و "البالماخ" قبل شهر من دخول القوات العربية فلسطين وما ارتكبته من طرد لما يقارب من ربع مليون فلسطيني بالقوة وتنفيذ المجازر وما رافقها من أعمال بشعة، في الوقت الذي لم يكن الانتداب البريطاني قد انتهى.

واليوم في حربها على غزة تجلس نفس تلك العصابات الصهيونية مع اختلاف المسميات والأحزاب، تضع الخطط، تستأنف طريق الأوائل من حزب العمال، بتطهير غزة على رأسهم "بنيامين نتنياهو" من اليمين المتطرف "يوآف غالانت" "بيني غانتس" "غادي آيزنكوت" "رون ديرمر" واثنين آخرين يتحكمان بوضع الحرب "إيتمار بن غفير" و"بتسلئيل سموتريتش".

وبرغم الخلافات فيما بينهم إلا أن هدف واحد يجمعهم، وهو إتمام عملية التطهير وطرد سكان غزة من القطاع والاستيلاء عليه.

فها هي لجنة التوثيق والمتابعة بالدفاع المدني تكشف أنها رصدت مسح نحو ٥٠٠ أسرة فلسطينية من السجل المدني في القطاع بسبب استهدافات مباشرة ومتكررة لقوات الاحتلال استخدمت فيها قنابل وصواريخ أمريكية.

واستكمالا لعمليات التطهير المستمرة أبلغ جيش الاحتلال الأمم المتحدة بتاريخ ١٢/تموز/٢٠٢٤ بوجوب إخلاء شمال القطاع البالغ عددهم ١,١ مليون نسمة خلال ٢٤ ساعة والانتقال نحو الجنوب.

غير أن ما حصل في ١٩٤٨ لن يتكرر في ٢٠٢٤. فسكان غزة يدركون الخديعة ويرفضون تكرار ما حدث، متشبثون بأرضهم برغم الإبادة التي يتعرضون لها. هذا الأسلوب الهمجي الوحيد الذي يتقنه الجيش المهزوم، هدفهم من ذلك الانتقام الجماعي الذي أورثهم إياه جدهم المدعو "لامك" الذي قال لزوجتيه بانه قتل رجلا، ثأرا لجرح أصابه وأنه سينتقم "لقايين" سبعة أضعاف. هكذا يكون الانتقام في نص توراتهم، وهكذا تبرر دولة الاحتلال انتقامها الجماعي، وتطبق إرث "لامك". الذي جاء ذكره في سفر التكوين الإصحاح الرابع "أن لامك مؤسس الانتقام هو من نسل قايين" أي قابيل.

لكن أهل غزة اليوم لا يعنيهم ذلك الضوء الأخضر الذي أعطاه "لامك" الدموي لليهود من بعده.

وبرغم الألم الذي فاق التصور فأهل شمال القطاع لا يضيرهم كل ما ينادي به جيش الاحتلال من تهديد بعد فقد الأحبة. فلا أضواء لامك الخضراء ولا الحمراء باتت ترعبهم بعد أن سكن الموت كل ركن في القطاع. ولسان حالهم يقول:

لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها....  

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة