بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
منذ ظهور الحركة الصهيونية في فلسطين، وتكاثر المعارضين لها، وحاجتها تزداد إلى جمع الاستخبارات السياسية والعسكرية المتعلقة بخطط وعمليات الحركة القومية الفلسطينية آنذاك.
فما كان منها إلا أن أسست جهاز مخابرات لتجنيد عملاء فلسطينيين ومخبرين بهدف جمع معلومات مثل تحديد الأراضي الواجب شراؤها وتأثير طائفة النصارى ونفوذهم على الأهالي ودراسة موقف العرب تجاه الصهيونية وغيرها من المعلومات التي تحتاج إليها الحركة وتساهم في تسريع قيام الدولة.
ففي الثلاثينات تركزت جهود الاستخبارات في البحث عن الشيخ عز الدين القسام ومجموعته من المجاهدين. وقد ازداد اعتماد الحركة الصهيونية على نشاط المتعاونين الاستخباراتي مع تصاعد ثورة ١٩٣٦ بقيادة عز الدين القسام. وبمساعدتهم تم القبض من قبل البريطانيين على المجاهدين وتسليمهم إلى المحاكم العسكرية ومصادرة أسلحتهم.
فكان لتلك الآفة الخبيثة دور في إحباط ثورة ١٩٣٦ واستشهاد الشيخ القسام وعدد من المجاهدين.
وطورد وقتها هؤلاء المخبرين الذين باعوا أرواحهم وشرفهم للحركة الصهيونية، وشوهت سمعتهم في الصحف كما وتم إطلاق النار عليهم.
واليوم تعتبر هذه الظاهرة من أخطر القضايا التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وخاصة لفصائل المقاومة. حيث يجند العدو كل إمكانياته لإسقاط أكبر عدد في طريق العمالة، وكيف يُسقط العميل أقرب الناس إليه. وبعد نجاحه في عملية الإسقاط ينتقل إلى مرحلة تطوير شبكة علاقات داخل المجتمع الفلسطيني بهدف الحصول على أسماء النشطاء في التنظيمات الفلسطينية وتزويد العدو بها.
وقد أخذت كتائب القسام على عاتقها منذ بداياتها التصدي لأجهزة مخابرات العدو عن طريق خطف العملاء والتحقيق معهم والتعرف على الشبكات وكشف أسرار العدو في قضايا الإسقاط.
كما عملت الكتائب على الحد من انتشار العملاء عن طريق عمليات الإعدام لمن يثبت تورطهم في جرائم كبيرة كمرافقة قوات العدو وإطلاق النار على الفلسطينيين من أبناء شعبه، أو تجنيد عملاء يصنع منهم العدو جنودا له ضد الفلسطينيين. غير أن الكتائب تعطي هؤلاء العملاء فرصة للتوبة وتزويدها بكل المعلومات المتوفرة لديهم.
واليوم في الحرب على غزة ٢٠٢٣ _ ٢٠٢٤ نشط العملاء وكان لهم أدوار مخزية في خدمة العدو. ومن الخدمات التي قدمها العملاء أثناء الحرب تحديد العشرات من المنازل التي تم استهدافها من قبل طائرات الاحتلال. كما نشط هؤلاء في نشر الإشاعات التي تصب في مصلحة العدو وتأليب أهل غزة على مقاومتهم، كما ساهموا في العديد من العمليات التي أدت إلى اغتيال عدد من رجال المقاومة.
لذلك فالمقاومة بالإضافة إلى حربها ضد العدو تواجه حربا أخرى تديرها بكل حزم وهي حرب الجواسيس التي تلاحق من خلالها عملاء جهاز الشاباك الذي لا يكل من تجنيد العملاء بالتهديد والابتزاز واستغلال العوز والحاجة. غير ان كل هذا لا يغفر للعميل أن يسلم نفسه لشيطان الشاباك فيخون أهله وأرضه.
وقد وردت مؤخرا أخبار هي سبب كتابتي لهذه السطور وهي أن المقاومة صادرت العديد من السلاح الغير قانوني والذخيرة الكثيفة التي حصل عليها العملاء من العقد القتالية بعد استشهاد المجاهدين هناك.
كما قبضت خلال الفترة الماضية على عميل قام بسلب كاميرا من رأس احد المجاهدين بعد استشهاده في محور القتال جنوب قطاع غزة، حيث كان ينوي تسليمها لجيش الاحتلال. ولكن نجحت إحدى فصائل المقاومة في كشفه والقبض عليه قبل تسليمها والتحقيق معه.
وأفاد مصدر الخبر بأن العميل اعترف بمهامه، وكشف عن شبكة من العملاء لديهم نفس المهمة، وهي سرقة كاميرات المجاهدين بعد إصابتهم أو استشهادهم.
وقد قامت المقاومة بإعدام العميل وتسجيل اعترافاته.
وهنا فالعميل الذي ساعد الحركة الصهيونية في تسريع قيام دولة الظلم في ٤٨ هو نفسه الذي يساعد دولة الاحتلال اليوم ٢٠٢٤ في إبادة أهلنا في غزة. وهو لعمري أخطر من اليهودي لأنه العين السرية الغير مرئية للشاباك.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..