• لبنان
  • الاثنين, تشرين الأول 20, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 10:19:32 م
inner-page-banner
مقالات

لا للملوك: أميركا تنتفض دفاعًا عن جمهوريتها

عبد الباسط ترجمان ـ بوابة صيدا

في مشهد نادر لم نشهده منذ سنوات طويلة، خرج ملايين من الأميركيين يوم 18 تشرين الأول / أكتوبر 2025 إلى الشوارع، من نيويورك حتى سان فرانسيسكو، حاملين شعار "No Kings" – لا للملوك. 

التظاهرات التي تجاوز عددها 2700 في يوم واحد، لم تكن مجرد رد فعل على سياسات الرئيس دونالد ترامب، لكنها كانت تعبيرًا قويًا عن خوف الجماهير من توجهات استبدادية تهدد جوهر النظام الجمهوري في البلاد. 

لماذا قال الأميركيون "لا للملوك"؟ 

- تصاعد الخطاب السلطوي: تصريحات ترامب الأخيرة، التي اتهم فيها خصومه بـ"الخونة"، وتهديده باستخدام الحرس الوطني ضد المدن التي تعارضه، أثارت قلقًا كبيرًا من احتمال استغلال السلطة التنفيذية لقمع المعارضين. 

- تقييد الحريات المدنية: تقارير متكررة تحدثت عن ضغوط على الإعلام وتأثيرات على استقلال القضاء، ما دفع منظمات حقوق الإنسان لتحذير من تآكل الديمقراطية في البلاد. 

- خطاب ترامب الاستفزازي: الرئيس سخر من المتظاهرين في فيديو على حسابه الرسمي، واصفًا إياهم بـ"الحمقى الذين يكرهون أميركا"، مما زاد من حدة الغضب الشعبي.

التظاهرات أثرت بشكل واضح على النظام السياسي في أمريكا. النقاش حول صلاحيات الرئيس عاد بقوة، حيث بدأ عدد من النواب يطالبون بتقليل نفوذ السلطة التنفيذية وتشديد الرقابة البرلمانية.

في الوقت نفسه، المجتمع المدني كان له حضور قوي، مع مشاركة أكثر من مئة منظمة في تنظيم الاحتجاجات، وهذا يعكس عودة ملحوظة للفاعلية الشعبية في مواجهة استبداد السلطة.

الرئاسة الأميركية نفسها واجهت تحدياً في رموزها؛ شعار "لا للملوك" ذكّر الجميع أن منصب الرئيس ليس ملكًا، بل مسؤولية يجب أن تُحاسب عليها.

أما بالنسبة للمجتمع الأميركي، فقد ظهر انقسام كبير بين الأطراف المختلفة. أنصار ترامب وصفوا المحتجين بأنهم "إرهابيون"، بينما رأى المعارضون فيهم "حماة الجمهورية"، وهذا زاد من حدة الاستقطاب السياسي والاجتماعي.

من جهة أخرى، أعادت هذه التظاهرات، الاحتجاج كوسيلة ضغط فعالة بعد فترة من الركود. والأمر اللافت هو التضامن الواسع الذي شمل جميع أنحاء البلاد، من المدن الكبيرة إلى القرى الصغيرة، مما يدل على وجود قلق مشترك حول مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة.

ترامب في مرمى الغضب الشعبي

ترامب أصبح هدفاً لغضب جماهيري غير مسبوق. الرئيس الأميركي، المعروف بإثارة الجدل، وجد نفسه أمام أكبر تظاهرة تُنظم في يوم واحد ضد رئيس في السلطة في التاريخ الحديث، بمشاركة تقارب 7 ملايين شخص.

رد فعله كان سخرية من المحتجين، واصفاً إياهم بـ"الحمقى"، لكن هذا لم يخمد الاحتجاجات، بل زادها اشتعالاً. بل إن هذا التصرف دفع شخصيات سياسية مهمة، من بينهم أعضاء في الكونغرس ورؤساء بلديات، إلى التجرؤ وانتقاد ترامب علناً.

أما الأميركيون، فكيف يرون سخرية رئيسهم؟ 

أول استطلاعات الرأي أظهرت أن أغلب الناس وجدوا رد ترامب "غير لائق" ويُظهر انفصالاً عن الواقع الذي يعيشه الجمهور. 

تسمية المحتجين بـ"الحمقى" تذكر كثيرين بخطابات أنظمة استبدادية، مما يضعف صورة الرئاسة في الداخل والخارج. 

وبينما تنخفض شعبية ترامب، خاصة بين المستقلين والمترددين، قد تسرّع هذه السخرية من تآكل الثقة به.

في النهاية، ما نشهده ليس مجرد تظاهرة عابرة، بل لحظة حاسمة تعيد طرح سؤال الهوية السياسية لأميركا: هل ستظل أميركا جمهورية ديمقراطية تُحاسب مسؤولّيها؟ أم ستنجرف نحو حكم فردي يشبه الملكيات التي ثارت ضدها منذ زمن بعيد؟ 

الشعب الأميركي أعطى رأيه بصوت عالٍ، والآن الكرة في ملعب القادة ليقرروا الخطوة القادمة.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة