عبد الباسط ترجمان ـ بوابة صيدا
في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، اجتمع قادة المنطقة في شرم الشيخ تحت عنوان "السلام والاستقرار"، وسط أجواء مشحونة بالتفاؤل الحذر.
لكن خلف التصريحات الدبلوماسية والابتسامات الرسمية، يلوح سؤال أكثر عمقًا: هل نحن أمام بداية سلام عربي ـ إسرائيلي دائم، كما وعد الرئيس ترامب؟ أم أن المؤتمر مجرد محطة تهدئة قبل انفجار جديد في جبهة أخرى؟
الوثيقة التي خرج بها مؤتمر شرم الشيخ لم تتضمن أي إشارة واضحة إلى حل الدولتين أو الاعتراف بالحقوق السياسية للفلسطينيين.
بدلًا من ذلك، ركّزت على "الاستقرار الإقليمي"، و"التعاون الاقتصادي"، و"إعادة الإعمار"، وهي عبارات تُستخدم عادة لتجاوز جوهر القضية.
هذا التوجه يُعيد إنتاج منطق "السلام الاقتصادي" الذي روّج له ترامب، والذي يرى أن تحسين الظروف المعيشية يمكن أن يُغني عن العدالة السياسية.
لكن التاريخ يُخبرنا أن التطبيع لا يصنع سلامًا، وأن تجاهل جذور الصراع – الاحتلال، الاستيطان، التهجير – لا يُنتج إلا هدنة مؤقتة.
وفي الوقت الذي يُعقد فيه مؤتمر شرم الشيخ لـ "السلام والاستقرار"، تبقى جبهات أخرى على صفيح ساخن:
حزب الله في الجنوب اللبناني يُراقب عن كثب، ويعتبر أن أي تهدئة في غزة لا تعني نهاية المعركة.
الحوثيون في اليمن، الذين أظهروا دعمًا واضحًا لغزة، قد يرون في التهدئة فرصة لإعادة توجيه ضرباتهم نحو البحر الأحمر.
إيران، التي لم تكن طرفًا في الاتفاق، تعتبر أن أي سلام لا يشمل إنهاء الاحتلال هو سلام زائف، وقد تُحرّك وكلاءها في المنطقة.
و رغم أن الرئيس ترامب وعد بـ"سلام شامل في الشرق الأوسط"، لكن الواقع يُشير إلى سلام جزئي، هش، ومؤقت.
فالمؤتمر لم يُجب عن الأسئلة الكبرى: ماذا عن القدس؟ ماذا عن اللاجئين؟ ماذا عن الأسرى؟ وما لم تُجب عنها السياسة، قد تُجيب عنها البنادق في جولة جديدة من التصعيد.
نعم، قد تكون قمة شرم الشيخ محطة مهمة، لكنها ليست نقطة تحول تاريخية. فهي أشبه بمحاولة لشراء الوقت، لا لصناعة السلام. وما لم تُبنى على رؤية عادلة وشاملة، فإنها ستبقى مجرد هدنة ما قبل العاصفة
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..