• لبنان
  • الخميس, تشرين الأول 02, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:51:47 م
inner-page-banner
مقالات

انتقال استراتيجية المواجهة من الخارج الى الداخل..

حسان القطب ـ بوابة صيدا

ما جرى في مدينة بيروت، من مهرجان استفزازي، كان الهدف منه اسقاط الحكومة، بقرار اتخذ على اعلى مستوى، والغاية المرجوة، والرغبة الدفينة، كانت اجبار او دفع الرئيس نواف سلام على الاستقالة، وتصبح الحكومة في موقع تصريف الاعمال وبالتالي يتوقف تنفيذ قراراتها، وعلى راسه، تجريد حزب الله من سلاحه.. وبانتظار التكليف والتشكيل الذي لن يتم الا بعد اشهر طوال، يتصرف من حدد المسار السياسي هذا بما يرغب ويريد، ويصبح موقع رئاسة الوزارء شكلاً دون مضمون.. وهذا ما اكده نائب حزب الله حسن فضل الله في لقائه الاعلامي، بان الاتفاق مع الرئيس جوزيف عون قبل ان يتم انتخابه على كل شيء بما فيه شكل ودور مجلس الوزراء..

اذا عدنا بالذاكرة الى العام 2005، نرى ان هذا الفريق وطوال عشرون عاماً، وصولا الى تاريخ اليوم، انما يتصرف سياسياً وأمنيا واعلامياً، بما يغطي به ممارساته، والاخطاء التي يرتكبها، والتعطيل هو الاسلوب الامثل، ويتم هذا بطريقة نقل الصراع من عنوان الى اخر.. ومن الخارج الى الداخل.. لان تهديد الاستقرار يهدد امن المنطقة اقليمياً برمتها..!!

عام 2005، اتجهت الانظار نحو دور حزب الله والمنظومة الامنية اللبنانية- السورية، في التورط باغتيال الرئيس الحريري، فكان المخرج حرب تموز/يوليو عام 2006، التي ادت الى تدمير جزء اساسي من لبنان، وخاصة في الجنوب والضاحية الجنوبي، وتكاتف العالم العربي، لدعم لبنان واعادة اعمار ما تهدم.. فخرج حزب الله ليقدم نفسه منتصراً، وعمل على تمييع تورطه في الاغتيال الى جانب نظام الاسد وحلفاء آخرين..

عام 2006، وبسبب حجم الدمار والخراب والقتل الذي اصاب بيئة وجمهور حزب الله، وجزء اساسي وكبير من اللبنانيين في مختلف المناطق، ولمنع اي تحقيق او مساءلة او محاسبة لمن اتخذ قرار الحرب، وادخل لبنان في اتون هذه الحرب التدميرية، اطلق الثنائي الشيعي، ومعه التيار الوطني الحر، معركة اسقاط حكومة السنيورة تحت عناوين اللاميثاقية التي ابتدعها هذا الثنائي، واغلق نبيه بري المجلس النيابي، لمنع اي اجتماع نيابي يعيد للمجلس التشريعي دوره، ولوقف اية جلسة للمساءلة والمحاسبة عبر البرلمان.. وبعد اكثر من 18 شهراً من فشل الحصار في اسقاط حكومة الرئيس السنويرة، والذي ادى الى اغلاق الوسط التجاري وتدمير الاقتصاد اللبناني، ذهب الثنائي الى خيار غزوة 7 آيار/مايو عام 2008، للخروج من عنق الزجاجة بذريعة حماية شبكة الاتصالات السلكية التي تبين انها اكذوبة كبيرة.. وتمت مكافأة الثنائي ومن معه، على ما ارتكبوه بحق بيروت والجبل، ودورهم التخريبي باعطائهم الثلث المعطل في المجلس الوزاري، الذي تم استخدامه لاسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري واستبداله بحليف سوريا والثنائي، نجيب ميقاتي..

عام 2011، انخرط حزب الله في الحرب على الشعب السوري بذريعة حماية محور طهران الممتد عبر العراق، الى دمشق وحارة حريك، ورفض حزب الله الالتزام بتفاهم بعبدا الذي سبق ان وافق عليه ومضمونه عدم التورط في نزاعات اقليمية، وخاصة في سوريا.. وربط حزب الله الوضع السوري بالوضع اللبناني، وتجاهل كلياً هذا الثنائي، الصراع مع اسرائيل وتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر.. واعتبر ان معركته في حمص وحماه وحلب والغوطة والزبداني والقلمون وجرود عرسال.. هذا الانخراط والتورط نقل التوتر الى الداخل اللبناني، الذي اصبح يتطلب لقاءات وحوارات ونقاشات وتهدئة ووقف السجالات، ونسي بل تناسى محور طهران الصراع مع اسرائيل، معتبراً ان الهيمنة على الساحة اللبنانية دستورياً وامنيا وسياسيا واعلامياً بل وقضائياً اولوية مطلقة.. لدعم نظام الاسد، وجعل لبنان ممرا للدعم والمساندة، وساهم بعض القادة الامنيون بهذا المسار وهم يعرفون انفسهم كما كل مواطن لبناني يعرفهم ويعرف حجم تورطهم واساءاتهم..!!

عام 2019، ومع الانهيار المالي الذي اسس له حكم منظومة الفساد المفروضة والمدعومة والمحمية من الثنائي، برلمانياً وميليشيوياً، اندفع الشعب اللبناني بمعظم فئاته مطالباً باسقاط النظام، ولكن هذه المنظومة وجدت لها حماية من الثنائي المسلح، الذي منع اسقاطها، على لسان امين عام حزب الله الراحل، وهدد بتحويل الصراع الى طائفي ومذهبي مع الشعارات التي رفعت والهتافات التي اطلقت.. وتم التلاعب بالوضع الداخلي وتخيير اللبنانيين بين الاندفاع نحو الصراع، او التهدئة والقبول بالامر الواقع..؟؟

عام 2023، وجد حزب الله نفسه امام أمرين احلاهما مر، مع اندلاع حرب طوفان الاقصى، فإذا انخرط في الحرب التزاماً بتعهده بوحدة الساحات، سوف يخسر الحرب حتماً، واذا لم ينخرط الى جانب حركة حماس والفصائل المقاتلة في غزة، سوف يخسر المصداقية وكل ما تم الترويج له من شعارات الانتصارات والتلاحم والتماسك من طهران الى بيروت.. فكانت معركة الاسناد والالتزام بقواعد الاشتباك كما اشار نصرالله مرات ومرات..!! ولا احد يعرف ما هي قواعد الاشتباك..

وعندما خسر الثنائي نظام الاسد في سوريا وخرج مذموماً مدحوراً من دمشق وارض الشام المباركة، مطلع شهر كانون الاول/ديسمبر، وسبق ان خسر حرب الاسناد، بتوقيعه اتفاق وقف اطلاق النار في 27/ 11 /2024، والذي نص صراحةً في آلية التنفيذ على تجريد كافة القوى المسلحة غير الشرعية من سلاحها وتفكيك بنيتها العسكرية وغير العسكرية على كافة الاراضي اللبنانية، وعجز عن اقناع جمهوره بالانتصار، وفشل في تأمين الدعم المالي لاعادة الاعمار وخسرت ايران الحرب امام اسرائيل والولايات المتحدة، وخسر معركة الرئاسة بانتخاب الرئيس جوزيف عون، وتكليف الرئيس نواف سلام لرئاسة الحكومة، بدأ بنقل الصراع الى الداخل اللبناني مجدداً تحت عنوان ان هذا السلاح يحمي الطائفة الشيعية، ولم يعد هناك من كلام عن المقاومة ومحورها، وتمت الاشارة الى ان هناك خطراً داهماً على الحدود الشرقية ويقصد هنا الشعب السوري، واستنفر ادواته الاعلامية والسياسية وكل ما يملك للتحريض والترهيب.. ومن ثم نقل الصراع الى الداخل في مواجهة الحكومة ورئيسها، متجنباً الاشارة الى دور او مسؤولية فخامة الرئيس، الى ان كشف فضل الله مضمون الاتفاق الذي تم بين الرئاسة الاولى والثانية.. ولم يصدر نفي رسمي من فخامته، ولكن بيان وزارة الدفاع والوسام الذي تم تقديمه لقائد الجيش قد يكون يتضمن جواب التأكيد..

الخلاصة

سياسة نقل الصراع والمواجهة من الخارج الى الداخل استراتيجية يمارسها حزب الله والثنائي، طوال المرحلة الماضية، ولكن اين سوف تصل بالواقع اللبناني..! واي مستقبل للبنان واللبنانيين والبيئة الحاضنة لهذا الثنائي، خوفاً لا قناعةً كما نلمس من لقاءاتنا المتعددة..!! وسياسة الترهيب والتخويف التي يمارسها اعلاميون تابعون لهذا الفريق والعبارات المتشنجة والمفردات التحريضية التي يطلقها سياسيون واعلاميون بشكل يومي ومتواصل لا تؤسس الا الى مواجهة حتمية ليس بين اللبنانيين ابداً، بل بين هذا الفريق والمجتمع الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، والتي تقوم بتكليف اسرائيل بتنفيذ تفاصيله..

هل يتحمل لبنان مواجهة مسلحة جديدة، مع اسرائيل المدعومة اميركياً ودولياً..!! واذا كان حزب الله يؤكد قدرته على المواجهة فإننا نتمنى عليه ان لا يتاخر في اعلان الحرب على هذا الكيان، وليتوقف عن ممارسة التحريض على الداخل وخاصة موقع رئاسة الوزارء وشخص الرئيس نواف سلام.. وليلجم ادواته الغبية من الاستمرار في التصريح والتحريض.. فقد اكتفينا من اساليب التلاعب والتكاذب...

حمى الله لبنان واللبنانيين من حقد الحاقدين..

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة