م. محمود بصراوي ـ بوابة صيدا
مايكروسوفت اليوم ليست شركة عادية. قيمتها السوقية تتجاوز 3.8 تريليون دولار، وهي واحدة من أضخم الكيانات في تاريخ التكنولوجيا. ومع ذلك، يبدو أن الخطر الحقيقي الذي يطاردها لا يأتي من منافسين تقليديين مثل آبل أو جوجل أو أمازون… بل من الذكاء الاصطناعي نفسه.
الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا اعترف في اجتماع داخلي بأنه "مطارد" بمصير شركة Digital Equipment Corporation (DEC)، التي كانت في الثمانينات عملاقاً بحصة سوقية 20%، لكنها انهارت في التسعينات بعدما فاتها التحول إلى الحواسيب الشخصية. الخوف نفسه يلوح في الأفق الآن مع ثورة الذكاء الاصطناعي.
التحول المنصاتي أخطر من المنافسين
تاريخ التكنولوجيا يثبت أن أكبر التهديدات لا تأتي من المنافس المباشر، بل من تغيير قواعد اللعبة.
DEC ماتت لأن العالم انتقل من الخوادم الضخمة إلى الحواسيب الشخصية.
نوكيا انهارت عندما تحوّل السوق إلى الهواتف الذكية.
ياهو خرجت من المنافسة مع صعود جوجل.
اليوم، إذا أصبحت وكلاء الذكاء الاصطناعي (AI Agents) هي المنصة الأساسية، فإن منتجات مايكروسوفت التقليدية مثل أوفيس وأزور معرضة لأن تفقد قيمتها أو يتم تجاوزها بالكامل.
مؤشرات الخطر داخل مايكروسوفت
80 مليار دولار استثمارات في بنية تحتية للذكاء الاصطناعي خلال عام واحد.
في المقابل، 15 ألف وظيفة أُلغيت في نفس الفترة.
شكاوى داخلية عن "طرد عشوائي"، مع موظفين يشعرون أنهم يدرّبون الأنظمة التي ستستبدلهم.
حتى إيلون ماسك صرّح أن "OpenAI قد تلتهم مايكروسوفت بالكامل."
هذه ليست إشاعات، بل واقع ينعكس على المعنويات والولاء داخل الشركة.
خطة ناديلا: أن تأكل نفسك قبل أن يأكلك الآخرون
بدلاً من انتظار انهيار منتجاتها، مايكروسوفت تحاول إعادة اختراع نفسها من الداخل:
تنويع الشركاء: لم تعد تعتمد كلياً على OpenAI، بل تستثمر في Anthropic وتبني نموذجها الخاص (MAI).
إعادة تصميم أوفيس: جعله AI-first بحيث لا يصبح ضحية، بل منصة تشغيل للوكلاء الذكيين.
مراكز بيانات ضخمة: استثمارات بمليارات الدولارات للبقاء في سباق البنية التحتية.
الدرس لروّاد الأعمال
المسألة ليست أن مايكروسوفت ستفوز أو تخسر فقط. بل إن المنعطف القادم قد لا يترك أي عمالقة واقفين.
الذكاء الاصطناعي قد لا يتوج شركة جديدة كما فعلت الحواسيب أو الهواتف الذكية، بل قد يمحو بالكامل نماذج الأعمال القائمة.
السؤال الأهم:
هل تستطيع مايكروسوفت أن تتحول إلى المُنسّق (orchestrator) لهذه المرحلة الجديدة؟
أم أنها ستسير على خطى DEC وتتحول من عملاق إلى ذكرى تاريخية؟
الخلاصة:
في عصر الذكاء الاصطناعي، لا أحد في مأمن—even مايكروسوفت.
السر ليس في الدفاع عن الوضع الحالي، بل في الهجوم على المستقبل، حتى لو كان الثمن التضحية بالمنتجات التي بنت الإمبراطورية.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..