عبد الباسط ترجمان ـ بوابة صيدا
اعتراف دول غربية متزامن بدولة فلسطين يزيد الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل ويغير معادلات الشرعية الدولية.
إسرائيل أدانت هذه القرارات ووصفتها بأنها “مكافأة للإرهاب” وبأنها إجراء أحادي الجانب يضر بالفرص السياسية لحل الدولتين.
الولايات المتحدة حتى الآن تعاملت مع الموضوع بتحفظ، و اعتبار هذه الاعترافات “رمزية” وغير كافية للتغيير الملموس في الوضع، مؤكدة أن أمن إسرائيل يظل أولوية.
فيما يلي تحليل لـ "التوقعات المحتملة" للردود الإسرائيلية والأمريكية، بناءً على تصريحات المسؤولين، مع الأخذ في الاعتبار أن الموقف ديناميكي وقد يتغير:
توقعات الرد الإسرائيلي
من المرجح أن تتبع إسرائيل مجموعة من الإجراءات الدبلوماسية والعملية:
1. دبلوماسياً:
* استدعاء سفراء الدول التي اعترفت بفلسطين، أو خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية معها، خاصة الدول الغير فاعلة على المستوى الدولي..
* الإستمرار في ترويج الرواية التي تشير إلى أن هذه الخطوة "تمثل مكافأة للإرهاب" خاصة في ظل وجود حكومة حماس في غزة، و بأن هذا الإجراء يضر بعملية السلام أو أنه منحاز للجانب الفلسطيني.
* ستعمل إسرائيل مع حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة، لتقليل التأثير الدبلوماسي لهذه الخطوة وعزل الدول التي اتخذت قرار الاعتراف أو معاقبتها في المحافل الدولية.
2. الإجراءات على الأرض:
* تفكيك السلطة الفلسطينية، فهناك دعوات داخل الحكومة الإسرائيلية لـ"سحق السلطة" ووقف التنسيق معها..
* فرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة، و قد دعا وزراء مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى ضم مناطق واسعة من الضفة بشكل أحادي..
* تسريع وتيرة بناء المستوطنات، و الإعلان عن خطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية والقدس، كرسالة مفادها أن "الأمر الواقع" هو الذي يحدد مستقبل الأرض.
* حجب الإيرادات المالية التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية كعقاب لها مما يهدد قدرتها على دفع رواتب موظفيها.
* فرض القيود على حركة التنقل ضمن الضفة الغربية، و تشديد إجراءاتها عند الحواجز وفي المناطق المصنفة (أ، ب، ج) في الضفة الغربية، مما يعقد حياة الفلسطينيين.
* تصعيد عسكري لا يمكن تخمين مستواه، ولكن، المؤكد، أن عمليات هدم المنازل واقتحام مناطق في الضفة، وتنفيذ إعدامات ميدانية، ستتضاعف رداً على هذه الخطوة.. مع استمرار العمليات العسكرية المكثفة في غزة، خاصة في ظل رفض إسرائيل لأي وقف لإطلاق النار..
توقعات الرد الأمريكي
رد الولايات المتحدة قد يكون أكثر تعقيداً نظراً لمصالحها المتعددة، شراكاتها مع إسرائيل، علاقتها بالدول الغربية، والعربية، والإسلامية، والضغوط الداخلية والخارجية. وإليكم بعض السيناريوهات المتوقعة:
* ستواصل الإدارة الأمريكية التأكيد على أن الاعتراف بدولة فلسطين يجب أن يتحقق عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وليس من خلال إجراءات أحادية الجانب في الأمم المتحدة أو من قِبل دول أخرى.
* استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إذا تقدم طلب للحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
* قد تحاول الإدارة الأمريكية استخدام نبرة أكثر اعتدالاً من النبرة الإسرائيلية الحادة، لتجنب اتساع الفجوة بينها وبين الحلفاء الأوروبيين.
* ستوجه الولايات المتحدة نداءات لكلا الجانبين (مع تركيز أكبر على الجانب الفلسطيني) لتجنب أي تصعيد على الأرض.
* قد تحث الولايات المتحدة على بناء إطار تفاوضي جديد (بديلاً عن أوسلو)، و تعديل مفاوضات السلام التقليدية.
* ربما تقوم بتعزيز الدعم للفلسطينيين بشرط الالتزام بعدة شروط، مثل إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية، أو مكافحة الإرهاب، أو ضمانات أمنية لإسرائيل.
* ستضغط واشنطن على إسرائيل لـ "تأخير" (وليس لوقف) أي خطوات أحادية واسعة (مثل ضمّ كبير للأراضي الفلسطينية) لأنها قد تضر بتحالفات إقليمية وعلى المصالح الأميركية.
الحدود الواضحة للرد الأمريكي:
* من غير المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على حلفاء أوروبيين مثل فرنسا وبريطانيا واستراليا و إسبانيا أو النرويج.. وغيرهم بسبب هذه الخطوة. الخلاف سيظل ضمن نطاق دبلوماسي.
* قد تتعرض الإدارة الأمريكية لضغوط من السياسيين، والإعلاميين، والمثقفين، والفنانين، والعلماء، والمشاهير، والمنظمات الحقوقية، و من عموم الشعب الأمريكي الرافضين للحرب، ولكن، على المدى القصير، من غير المرجح أن يؤدي هذا الضغط إلى تغيير السياسة الأمريكية الرسمية بشأن الاعتراف بدولة فلسطين. الكونغرس الأمريكي، الذي يسيطر عليه غالبية مؤيدة لإسرائيل بشدة، سيمنع أي تحول في هذا الموقف.
تداعيات محتملة
ويبقى لهذه الاعترافات تداعيات محتملة، من أهمها:
* مزيد من العزلة الدولية لإسرائيل، مع تجاوز عدد الدول المعترفة بفلسطين حاجز 147 دولة..
* انقسام بين دول تؤيد الاعتراف ودول ترفضه، مما يُضعف الموقف الغربي الموحد تجاه القضية الفلسطينية.
* تعزيز مكانة فلسطين دبلوماسيًا، رغم غياب العضوية الكاملة، فإن الاعترافات تمنحها شرعية رمزية قوية.
توقعات مستقبلية
* الردود لن تكون عسكرية، ولكنها ستتركز على الجوانب الدبلوماسية والاقتصادية والعملية (مثل الاستيطان).
* ستعمل إسرائيل والولايات المتحدة إلى احتواء الضرر وإرسال رسالة مفادها أن هذه الخطوات لها "تكلفة" دون الدخول في مواجهة مباشرة مع عدد من الدول الأوروبية.
* الاستراتيجية طويلة المدى لإسرائيل والولايات المتحدة ستكون محاولة إحياء عملية سياسة "ميتة" فعلياً، (عملية السلام) أو على الأقل الظهور بأنهما الطرف الراغب في التفاوض، بينما تُحمل الفلسطينيين مسؤولية "تقويض" الجهود الدبلوماسية عبر هذه الإجراءات الأحادية.
في المحصلة، الاعتراف الغربي بدولة فلسطين يغيّر قاعدة الشرعية الدولية لكنه لا يفرض نتيجة فورية على الأرض.