عبد الباسط ترجمان ـ بوابة صيدا
في كل ظهور إعلامي، لا يترك "تشارلي كيرك" مجالاً للشك في ولائه المطلق لإسرائيل وعدائه العلني لحماس و العرب والمسلمين. من خطبه إلى تغريداته، يكرّس نفسه كصوت متطرف في السياسة الأميركية، حيث يبدو أن مصالح إسرائيل دائماً تتقدم على أي اعتبارات أخرى.
كيرك لا يكتفي بالمواقف السياسية، بل يحوّلها إلى ساحة حرب إعلامية، ليؤكد لكل من يعارضه أن العداء لحماس و العرب والمسلمين ليس مجرد موقف، بل عقيدة ثابتة في سجله السياسي.
تشارلي كيرك، الذي قُتل بعد إطلاق النار عليه يوم الأربعاء (10 / 9 / 2025) أثناء ظهوره في فعالية بجامعة "يوتا فالي"، شخصيه إعلامية وسياسية أمريكية محافظة بشكل كبير، ومؤسس منظمة (Turning Point USA)، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى نشر الأفكار المحافظة في حرم الجامعات والمدارس الثانوية في الولايات المتحدة.
من أبرز وجوه اليمين الأمريكي المتطرف، وحليف قوي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن أبرز الأصوات التي تعبّئ الشباب الأمريكي ضد أي تعاطف مع المسلمين أو الفلسطينيين.
له حضور قوي على منصات التواصل الاجتماعي حيث يملك ملايين المتابعين، و معروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، ودعمه القوي للرئيس دونالد ترامب، ولإسرائيل، ومعارضته لليبرالية..
يصف كيرك نفسه: “أنا مسيحي إنجيلي، محافظ، مؤيد لإسرائيل طيلة حياتي، وأدافع عنها دائمًا.”.. ويُعتبر من أكثر الأصوات تأثيراً في اليمين الأمريكي في الدفاع عنها، خاصة بعد هجمات 7 أكتوبر 2023. و مواقفه لا تُصنف فقط كـ"موالية لإسرائيل" بل تتعدى ذلك إلى خطاب حاد ومعادٍ بشكل صريح لحماس ومعظم الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
و يَعتبر أي انتقاد للسياسات الإسرائيلية، خاصة أثناء الحرب على غزة، شكلاً من أشكال معاداة السامية أو دعم للإرهاب. وهو يهاجم بقوة الحركات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية (التي يسميها غالباً "مناصرين للإرهاب" أو "ثقافة الموت")، و يهاجم أي تعاطف مع القضية الفلسطينية، ويعتبره انحيازًا "للإرهاب".
و يصف كيرك حماس بأنها منظمة إرهابية إسلامية متطرفة، و أنهم “حيوانات متوحّشة” و "تنظيم شيطاني" ويرى أن هدفها الوحيد هو تدمير إسرائيل وقتل اليهود. ويرفض أي تمييز بين حماس والشعب الفلسطيني في خطابه العام..
كيرك لا يُقدّم منصته الإعلامية للحوار أو التعددية، بل يُمارس الإقصاء الإعلامي، حيث يُرفض أي صوت ناقد لإسرائيل أو متعاطف مع الفلسطينيين. هذا يُخالف المبادئ الأساسية للإعلام الحر، الذي يُفترض أن يُتيح مساحة للنقاش، لا أن يُحوّل المنصة إلى منبر دعائي أحادي الاتجاه.
في حلقة بعنوان "إسرائيل ضد حماس: الحضارة ضد البربرية"، وصف كيرك الصراع بأنه مواجهة بين "النور والظلام"، واعتبر إسرائيل تمثل "الحضارة"، بينما وصف حماس بأنها "قوة همجية"، و يُصور إسرائيل كـ"قلعة الحضارة في وجه الإرهاب الإسلامي"
و يدعم بشكل غير مشروط الحرب الإسرائيلية على غزة، رافضًا أي دعوات لوقف إطلاق النار، مع انكاره وجود مجاعة أو أزمة إنسانية في غزة، معتبراً أن الحرب ضرورية وشرعية ضد إرهاب حماس، وفي إحدى مناظراته الجامعية، رفض الاعتراف بضحايا غزة، واعتبر الحديث عنهم "دعاية معادية لإسرائيل".
و يرى أن أي دعم لحماس، سواء كان مادياً أو معنوياً، هو دعم للإرهاب، ويعتبر دعم الفلسطينيين بأنه "معاداة للسامية"..
مواقف كيرك من المسلمين مثيرة للجدل، في الخطابات الرسمية، يقول كيرك إنه لا يعادي الإسلام، بل يعادي "الإسلام الراديكالي" أو "الجهادية". ومع ذلك، فإن تغريداته وخطاباته غالباً ما تربط بين المسلمين والإرهاب بشكل عام، و يعتبر كيرك أن "الإسلام السياسي" هو تهديد أيديولوجي للحضارة الغربية، و يقوم بشكل متكرر بتعميم الصفات السلبية على المسلمين، مثل ربط المظاهرات المؤيدة لفلسطين بدعم الإرهاب، أو التلميح إلى أن قيم المسلمين لا تتوافق مع القيم الأمريكية.
و يهاجم الجاليات العربية والمسلمة في أمريكا، ويتهمها بـ"نشر الكراهية ضد إسرائيل".. و بـ "غزو ثقافي"، و "تسلل إرهابي"، و يُعارض استقبال لاجئين من الدول الإسلامية، ويعتبر ذلك تهديدًا للهوية الأمريكية، وهي أدوات لغوية تُستخدم في الإعلام التحريضي لتبرير العنف أو الإقصاء.
يصفه الإعلام المحافظ، بصوت الشباب المحافظ، و الداعم القوي لإسرائيل، و بأنه "شخصية شجاعة" لم تخشَ الدفاع عن المسيحية، العائلة التقليدية، وإسرائيل، رغم الحملات الإعلامية ضده.
ويصفه الإعلام الليبرالي بأنه شخصية مثيرة للانقسام، وخطابه متطرّف أحيانًا..
بعد مقتله، نعى بنيامين نتنياهو كيرك قائلاً: “أسدٌ صديقٌ لإسرائيل”.. “قُتل ليدافع عن الحقيقة والحرية” وأنه “كان يقاتل الأكاذيب”، وأنه (اي نتنياهو) تواصل معه قبل أسبوعين من مقتله، حيث دعاه إلى إسرائيل.
و وصفه السفير داني دانون المندوب الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، ورئيس منظمة الصهيونية الأمريكية Morton A. Klein، والمنظمات StandWithUS وOrthodox Union، بأنه صوت مؤثر بين الشباب، وداعم قوي للحرية، وأن مقتله هو حادثة عدائية سياسية يجب ألا تُمحى.
وإذا أردنا أن نجمل ما قيل عن هذا الشخص، نستطيع أن نقول: "تشارلي كيرك لا يخاطب النخب السياسية، بل يستهدف الجيل الجامعي، مستخدمًا لغة مباشرة، مشحونة بالعاطفة، ومبنية على ثنائيات حادة: "نحن مقابل هم"، "الحضارة مقابل البربرية"، "الحرية مقابل الإرهاب". و هذا النوع من الخطاب يُستخدم في الإعلام التعبوي لتجنيد العقول، لا لإقناعها، ويعتمد على الاستقطاب العاطفي بدلًا من التحليل العقلاني".