عبد الباسط ترجمان ـ بوابة صيدا
في مشهد يعكس تصاعدًا خطيرًا في أساليب الصراع، شهدت العاصمة القطرية الدوحة (الثلاثاء 9 / 9 / 2025) محاولة إسرائيلية فاشلة لاغتيال قادة من حركة حماس، في عملية وُصفت بأنها "جبانة" و"إجرامية" من قبل السلطات القطرية.
لم يكن الحدث مجرد فشل استخباراتي، بل خرقًا صارخًا لسيادة دولة خليجية تلعب دورًا محوريًا في الوساطة بين أطراف النزاع في غزة.
وبينما نجا المستهدفون، لم تنج إسرائيل من إدانات عربية ودولية، فتداعيات هذا التصرف تتجاوز حدود الدوحة لتعيد رسم ملامح التوازنات السياسية في المنطقة.
فلطالما لعبت قطر دور الوسيط النشط في ملفات إقليمية شائكة، من غزة إلى أفغانستان. لكن الهجوم الإسرائيلي الأخير قلب المعادلة، محولًا الدوحة من منصة تفاوض إلى ساحة استهداف.
هذا الهجوم يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مفهوم السيادة في الخليج، ويُتوقع أن تكون له تداعيات سياسية وأمنية عميقة على عدة مستويات:
التداعيات السياسية والدبلوماسية
- إعادة تقييم الدور الوسيط: قد تضطر قطر إلى إعادة تقييم دورها كوسيط في المفاوضات بين حماس وإسرائيل، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات بعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات. هذا قد يؤثر سلبًا على الجهود الدبلوماسية الجارية لوقف إطلاق النار في غزة .
- تصعيد التوتر الإقليمي: يُنظر إلى الهجوم على أنه انتهاك صارخ لسيادة قطر، مما قد يدفع دول الخليج والعالم العربي إلى إعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل.
- توحيد الموقف العربي: صدرت إدانات قوية من السعودية، الإمارات، مصر، وفلسطين، ولبنان، ومعظم الدول العربية مما يعكس احتمال تشكّل جبهة دبلوماسية موحدة ضد التصرفات الإسرائيلية.
- ضغط دولي على إسرائيل: الأمم المتحدة، عبر الأمين العام أنطونيو غوتيريش، أدانت الهجوم واعتبرته تقويضًا لجهود وقف إطلاق النار في غزة، مما قد يؤدي إلى تحركات في مجلس الأمن، و دعوات لفرض عقوبات أو إجراءات رادعة ضد إسرائيل لثنيها عن تكرار أفعالها.. .
التداعيات الأمنية
- تهديد مباشر لأمن الخليج: قطر اعتبرت الهجوم "جبانًا" و"إجراميًا"، وأكدت أنها لن تتهاون مع أي تهديد لأمنها. هذا قد يدفعها لتعزيز قدراتها الدفاعية أو التعاون الأمني مع دول الجوار.
- رد محتمل من حماس: الحركة اعتبرت الهجوم "جريمة نكراء" وأكدت أن قادتها نجوا، لكنها توعدت بالرد، مما يفتح الباب أمام تصعيد في غزة أو خارجها.
- تأثير على المفاوضات: الهجوم قد يعقد المفاوضات الجارية حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، حيث قد تشعر حماس بعدم الثقة في الضمانات الأمنية المقدمة .
. التداعيات الإقليمية
- علاقة قطر مع القوى الدولية: قد تراجع قطر علاقاتها مع الولايات المتحدة، خاصة بعد الكشف عن أن إسرائيل أبلغت واشنطن مسبقًا بالهجوم . هذا قد يؤثر على التوازنات الإقليمية وعلى دور القواعد العسكرية الأمريكية في قطر.
- دور الوساطة الإقليمية: قد تتردد دول أخرى في لعب دور وسيط في الصراع إذا لم تُحترم سيادتها، مما قد يعقد الجهود الدبلوماسية المستقبلية .
التداعيات القانونية
- انتهاك السيادة القطرية: يعتبر هذا الهجوم انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة قطر وخرقًا للقانون الدولي، مما قد يدفع قطر إلى تقديم شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي للمطالبة بإجراء تحقيق دولي عاجل .
- ملفات قانونية دولية: قد ترفع قطر قضية أمام المحاكم الدولية لمحاسبة إسرائيل على انتهاك القانون الدولي .
التداعيات الإعلامية والشعبية
- تعزيز الرواية الفلسطينية: الهجوم قد يُستخدم لتسليط الضوء على ما تعتبره حماس "العدوان الإسرائيلي المستمر"، مما يعزز الدعم الشعبي في المنطقة.
- تراجع صورة إسرائيل دوليًا: استهداف دولة ذات سيادة مثل قطر، خاصة خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، يُنظر إليه كتصرف متهور يضر بصورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي.
الخلاصة، أن ما حدث في الدوحة ليس مجرد محاولة اغتيال، بل رسالة سياسية مفادها أن إسرائيل مستعدة لتجاوز الخطوط الحمراء في سبيل تحقيق أهدافها. لكن الرسالة ارتدت عليها، إذ كشفت هشاشة استراتيجيتها الاستخباراتية، وأعادت إشعال الغضب العربي.
في زمن تتداخل فيه الجغرافيا مع النفوذ، يبدو أن خرق السيادة بات أخطر من اغتيال الأفراد.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..