• لبنان
  • الأربعاء, أيلول 03, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:12:23 ص
inner-page-banner
مقالات

الانتخابات النيابية في ظل القانون والواقع الحالي غير مقبولة..!!

بقلم حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات ـ بوابة صيدا

يكثر الحديث عن اجراء الانتخابات النيابية المقبلة والتي من المفترض ان تجري في شهر آيار/مايو المقبل عام 2026، على ابعد تقدير، وتتبادل بعض القوى السياسية وجهات النظر، وتناقش امكانية التحالف لتامين اكبر قدر من المشاركة كما من الفوز المرتقب بأكثر عددٍ من النواب في المجلس البرلماني المقبل..

لكن الذي يثير الانتباه الى ان معظم هذه القوى السياسية سواء كانت احزاب ام ورثة مواقع سياسية او شخصيات نافذة وحاضرة وفاعلة، لم تدرس او تتوقف ملياً امام الواقع الصعب الذي يعيشه لبنان، نتيجة المرحلة السياسية غير المتوازنة التي عاشها لبنان واللبنانيون في المرحلة الماضية وطوال عقدين من الزمن، اي منذ العام 2005..

المجالس النيابية السابقة كما المجلس الحالي، لم تقم بالدور المطلوب منها نتيجة تصرف القوى السياسية على انها تمثل طوائف او مذاهب، لا وطن ومواطنين، وبسبب قناعتها بأنها غير قادرة على تغيير الواقع اللبناني المحكوم بعقدة السلاح والخوف سواء من العدوان الخارجي (الصهيوني)، او الفوضى الداخلية والتلاعب بالاستقرار الذي يبقى ورقة ضغط يمارسها من يشعر انه قادر على اثارة الذعر والهلع ساعة يشاء وحين يريد.. كما انها دائما بانتظار اشارات الخارج ورغباته وطلباته اكثر من احساسها بالمسؤولية تجاه المواطنين وحاجاتهم..؟

كما ان المجالس السابقة لم تقم بدورها بالمحاسبة والمساءلة وهذا دورها الطبيعي بل هو المطلوب منها، فانخرطت في السلطة التنفيذية تحت عنوان الميثاقية التي افترضتها قوى السلاح مدعومة من منظومة الفساد، فاصبحت المعارضة جزءاً من السلطة، واختلط الامر على المواطن، بحيث اصبح بعض الوزراء يتصرفون على انهم وزراء معارضة لا سلطة، ومهمتهم التعطيل لا التنفيذ وممارسة دورهم كوزراء.. وبالتالي لا وزراء قاموا بواجباتهم التنفيذية، كما لا نواب مارسوا دورهم التشريعي وسلطة الرقابة المنوطة بهم..

وفوق كل هذا وتحت عنوان الميثاقية الموهومة والمفترضة من قوى التسلط والامر الواقع، ونتيجة التحالفات الانتخابية التي جمعت وتجمع الضداد والمتناقضات فقط بهدف الوصول الى الندوة البرلمانية، فشلت الاكثرية في تشكيل سلطة تنفيذية حقيقية كنتيجة طبيعية لفوزها في الانتخابات النيابية بالاكثرية المطلوبة، ومارست المعارضة سياسة البلطجة برفع راية الميثاقية او التعطيل المستمر لتشكيل الحكومات الذي يستغرق اشهر والاستحقاقات الرئاسية التي تستغرق سنوات..

هذا الواقع جعل المواطن اللبناني او الناخب بشكلٍ خاص لا يقتنع باهمية المشاركة في التصويت الا تحت الضغط الاعلامي الذي يزرع الخوف والقلق من اللبناني الآخر، او الاحساس والشعور المفترض بأن خطراً داهما سوف يستهدف الطائفة او المذهب او حتى المرجعية السياسة المفترضة.. او بالتكليف الشرعي الذي يجعل من التصويت امراً دينياً وربما إلهياً..؟؟ لا يمكن الا الالتزام به لانتخاب فريق بعينه واسماء محددة، وكذلك الامتناع عن التصويت لآخرين.. تحت طائلة العقوبة الالهية.. وتعرض الطائفة لمخاطر وجودية..!

اضافة الى ذلك وطوال هذه المرحلة راينا وشاهدنا وعشنا تحالف كافة القوى السياسة الممسكة بالسلطة عند الاستحقاقات كافة، بذريعة العمل لتسوية الخلافات وتجاوز الانقسامات.. ضاربين بعرض الحائط النصوص الدستورية التي تنص على سلطة الاكثرية ومعارضة الاقلية، والفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء.. ومتجاهلين ان النظام اللبناني هو جمهوري برلماني، وله رئيس جمهورية واحد، ولا يخضع لمجلس رئاسي كما يصور البعض حيث يتم التحدث عن رئاسات ثلاث.. وهذا الواقع مناقض تماماً لطبيعة النظام ومفهومه ودوره.. والدليل على ذلك، هو ان الثنائي المسلح، رفض تسمية الرئيس نواف سلام لرئاسة الحكومة، وامتنع عن تسمية شخصية اخرى، ورفض الانخراط في استشارات التشكيل، اعلاناً عن رفضه وامتناعه، لتكليف الرئيس سلام، ولكنه طالب بوزراء خمسة وبوزارات محددة، والا..... وبالفعل خضعت السلطة تحت تهديد التعطيل من رئيس المجلس النيابي باغلاق المجلس كما فعل مرات عدة، وبتحريك دراجات الشارع كما نشاهد باستمرار..!!

السؤال هو..كيف يمكن ان تكون الحكومة مشكلة ومؤلفة من قوى متناقضة ومتصارعة ومتحاربة، وتجلس على طاولة واحدة لادارة شؤون البلد والمواطن وتحدد مستقبل لبنان السياسي والامني والمالي..؟؟؟ وعلاقاته الخارجية ايضاً. سواء اقليمية او دولية..؟؟ لذلك الفشل مؤكد والتعطيل سيد الموقف..؟؟

وكيف يقبل هذا الفريق او ذاك بأن يكون في فريقه من اعترض على تسميته ورفض المشاركة في مناقشات التشكيل ورسم الخطة الحكومية،..؟؟ كذلك نتساءل عمن يحاسب من..؟؟ عندما تتضارب المواقف والمصالح بين ادوات ووزراء السلطة التنفيذية في غياب كامل للسلطة التشريعية التي اصبحت شريكاً تنفيذياً..؟؟ ويبدو ان هذا هو المطلوب لتعطيل النظام وضرب الاستقرار السياسي وتعطيل الدستور نصاً وروحاً للمطالبة لاحقاً بالتعديل الذي يناسب هذا الفريق الذي يقاتل اليوم للخروج على ما قام بالتوقيع عليه في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.. واعلان رفضه تسليم السلاح الا بضمانات تتضمن تعديل الدستور..؟؟؟

الخلاصة

إن هذا الواقع هو نتيجة قانون انتخابي غير دستوري، وغير ميثاقي، يجعل من المواطنين والناخبين ادوات طائفية ومذهبية، تنتخب تحت الضغط، كما ان هذا القانون الهجين، الذي ادى الى تفصيل المواطنين الناخبين، بحسب طوائفهم ومذاهبهم، سمح بنجاح وفوز نواب من طوائف معينة بأصوات قليلة جداً قد لا تتجاوز المئة صوت، كما سمح لبعض القوى السياسية بأن تهيمن بشكلٍ اكبر على اصوات بيئتها الدينية وليس السياسية لان الانتماء الديني اصبح اقوى من الانتماء الوطني، والرغبة في الوصول الى الندوة البرلمانية ومن ثم الى السلطة التنفيذية الهجينة قد دفعت هذه القوى المتصارعة الى التحالف مع بعضها البعض في كثير من الدوائر الانتخابية.. مما اسس لتحالف منظومة السلاح مع منظومة الفساد، مما جعل من الثنائي المتحالف شريكاً في كل ما وصل اليه لبنان وما يتعرض له اللبنانيون من فوضى امنية ومن نهبٍ وسلبٍ لاموالهم، ومن استهدافٍ لحياتهم ومستقبلهم واستقرارهم، ومن خوفٍ على استقرار لبنان والتطلع بأمل الى مستقبلٍ واعد..

لذلك يجب ان تجري الانتخابات المقبلة في ظل تكافؤ الفرص وليس تحت الضغط والتسلط بفوقية على الناخب كما على الوطن والمواطنين. وان يتم سحب السلاح وحل الميليشيات تنفيذا للقرار الحكومي والقرارات الدولية، حتى يكون منطق السلاح والغلبة خارج دائرة التجاذب الانتخابي، وان يكون الانتخاب والتصويت على اساس البرامج الانتخابية التي تعيد الدور والاحترام للنظام البرلماني حيث تحكم الاكثرية النيابية وتعارضها الاقلية النيابية.. وان نتخلص من هيمنة اي فريق على اصوات بيئته وطائفته ومذهبيته بحيث نعود الى منطق التعددية التي تعمل على التنافس لخدمة الوطن والمواطنين لا الاحادية كهذه الحالية التي تعمل على استخدام المواطنين وقوداً وحطباً لخدمة مصالح قوى لا تعترف بحرية المواطنين كما باستقرر الوطن ودستوره..

لذا نقول ان الانتخبات النيابية في ظل هذا القانون الهجين غير مقبولة والمشهد السياسي والامني الحالي يؤكد هذا المنطق.. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة